أحلام مغترب ..!!
جئنا تسبُقنا أشواقنا للوطن..
فى قلوبنا أنت فى حلنا والترحال..
فقط (48) ساعة تبقت من الإجازة والتى استمتعت بقضاءها بين الأهل رغم المُعاناة بعد سنوات طويلة بعيداً عنهم قضيتها ، خرجت باكراً أتأبط مظروفاً يحتوى على كل ما يُثبت هُويتى وسودانيتى وحقيقة الانتماء لهذا البلد ، على غير العادة وجدت الحافلة فى المحطة تنتظر الركاب اخترت مقعدى من بين المقاعد الخالية جلست فيه وبدأت أتفحص فى أوراقى ربما أنسانى الشيطان بعضاً منها والمسافة بعيدة جداً بين دارى وجهاز المغتربين ، أخذ منى الكمسارى ثمن التذكرة وأعاد لى الباقى مباشرة مع ابتسامة نادرة لم نعهدها ، سألنا الكمسارى بأدب شديد بعدها تحبوا تسمعوا شنو ، لا صوت يُسمع داخل الحافلة ولا ضجيج ولم نسمع إلا همساً يدور بينهم..
يا ربى الحاصل شنو..؟
فى الوقت المُحدد كنت فى جهاز المغتربين أقف أمام ضابط الشرطة وقد ردّ على تحيتى له بأحسن منها ثم أجلسنى باسماً على كرسى كان بجانبه ، لا زحمة داخل المكتب تُذكر وكل من بالمكتب وعلى قلتهم كانوا جلوساً على كراسٍ وثيرة يستمتعون بهواء المكيفات البارد فى انتظار تكملة اجراءاتهم منهم من يتصفح فى صحيفة اختارها من بين الصحف الموضوعة أمامهم فى المنضدة ومنهم من يُشاهد فى دليل الاجراءات التى يجب أن يتبعها كل مغترب فى الشاشة الكبيرة المُثبته فى حائط المكتب ، بعضهم انكفأ على موبايله مُستمتعاً بخدمة (الواى فاى) السريعة المُتاحة لمن هم داخل المكتب ، دقائق فقط مرت جاءنى من يهتُف باسمى للاستلام ، اتفضل يا أستاذ هذه وثيقتك الجديدة ربنا يوفقك..
شكراً على جميل المعاملة..
موظف الضرائب فى الجهاز تحدث معى قائلاً لا عليك يا استاذ اذهب واكمل ما لديك من معاملات إن لم يكن لديك ما يكفى من مال تدفعه لنا مقابل الضرائب ونحن نعلم تماماً ما تنفقونه فى اجازاتكم مع الأهل هُنا ، نسأل الله لكم التوفيق ويمكنك السداد فى قابل الأعوام ، قبل أن ينتصف نهار اليوم كُنت قد أكملت كل الاجراءات من تأشيرة وغيرها مع تأكيد الحجز الذى يُمكننى من الوصول قبل وقت كاف من مباشرة عملى فى تلكم الدولة التى استضافتنى طيلة السنوات الماضية ، حمداً لله وقد عاد السودان وطناً يُفرد يديه فى ترحاب ومودة لنا بعد جفوة دامت ، يا سلام عادت الالفة والمودة الأن بعودة سوداننا لنا وقد أشرع أبوابه مُرحِباً بنا وقد أفلح فى تشييد جسراً للثقة بيننا..
يا أخونا يا معلم أرح أدينا ما تعمل فيها نائم..
لم يتركنى الكُمسارى حتى استمتع بالحُلم الجميل فى المقعد الذى حصلت عليه بمشقة فى الحافلة وأنا فى طريقى لتكملة اجراءات العودة وما ينتظرنى من رهق فى الجسد المُنهك والجيب الخالى..
والله المستعان..
بلا أقنعة..
صحيفة الجريدة..