سهرة ضد الإحباط!!
أمس الأول شاهدت على فضائية أم درمان سهرة لا أدري إن كانت مسجلة حديثاً أم أنها من ذاكرة أم درمان القريبة، قدمها الأستاذ الإعلامي “حسين خوجلي” وضيفها الأستاذ الصحفي “عثمان ميرغني” وأسرته الكريمة ومطربها الأستاذ القامة الفنان “صلاح بن البادية”، عنوانها (عاش كفاح القلم السوداني). وحقيقة لم أدرِ طوال السهرة من أين اجتاحتني رياح الدهشة والإمتاع هل هي قادمة من لدن مقدمها الرائع الأستاذ “حسين خوجلي” الذي جمع بين طلاقة اللسان ومخزون المعلومات وعذوبة السرد، لدرجة أن لا ترغب في أن يتوقف عن السؤال والاسترسال رغم أنه من متطلبات مقدم البرنامج أن يختصر ليفسح المجال لإجابات ضيفه والغوص في ثنايا شخصيته، لكن في حالة “حسين خوجلي” تنسى أنه المقدم فتتخيله تارة ضيفاً حصيفاً مدهشاً جاذباً وأحياناً أخرى تعتقده مطرباً والحديث عنده ملحن مموسق ينافس فيه كمنجة “محمدية” وأكورديون “ود الحاوي”، والسهرة منذ أن بدأت كانت حلبة للمنافسة من غير أن يقصد ذلك من كانوا فيها، و”حسين” يعرف متى يسأل ومتى يسكت ومتى يمنح المعلومة من غير تكلف أو إدعاء، ولعلي قد سرحت كثيراً في هذه السهرة وقبلها أخرى قدمها “حسين خوجلي” مع الطبيبين “أبو عيشة” و”صالح يس” تجلى أيضاً فيها خفة وجمال وهذا الرجل الفخم يغير ويبدل من مفاهيم وقوالب الإطلالة على الشاشة وبعضهم وبعضهن يظن حتى الآن أن جواز المرور نحو المشاهدين هو بدلة لونها فوشي وكرفته صفراء وحذاء يلمع، أو أنها عندهن رموش طويلة وعيون كحيلة وسباق نحو دور الأزياء، ليقول “حسين خوجلي” إن الشاشة يملأها من يملك ناصيتها سحراً وبياناً ثقافة واطلاعاً جرأة ومبادرة ليس مهماً لابس بدلة أو عراقي، مفلفل شعره أو يعتمر عمه تقارب طولاً وعرضاً عمة “ترباس”.
أنا شخصياً لا أخفي إعجابي بكثير من المدارس الإعلامية التي تطل علينا عبر الفضاء ونتمنى أن تكون مثلها تأثيراً وبصمة، لكن هذا الإعجاب لا يحجب أبداً رسوخ وعظمة شخصيات مدهشة كـ”حسين خوجلي” الرجل الفهم والعلم والنغم، ولأن السهرة استحقت اسم (عاش كفاح القلم السوداني)، فإن حضور “صلاح بن البادية” الزاهي منحها عنواناً ثالثاً (عاش كفاح الفن السوداني). و”صلاح” هذا ملكٌ متوج (بحقه) يعني ليس تتويجاً فخرياً يُعطي بدلالات رمزية وهو من جَملَ الساحة السودانية بأجمل الأغنيات وأعذب الألحان، يكفيه أنه وطوال هذا الطريق الصعب لم ينحدر بكلمة أو ينزلق بنغمة إلى مهاوي الهبوط وظل محلقاً بيننا فوق دنيا السمو والروعة والعظمة.
في كل الأحوال من فاتته هذه السهرة عليه أن يبحث عنها ليشاهدها وبعدها يدرك كم نحن شعب عظيم وخلاق ورائع وأننا من نمنح الآخرين عقاقير ضد الإحباط.
كلمة عزيزة
تداولت الوسائط خبراً مفاده أن جمهور (الحواتة) كاد أن يفتك بالفنانين “حسين الصادق” و”أحمد الصادق” لأن أحدهما أصر على ترديد أغنيات الراحل “محمود عبد العزيز” رغماً عن تحذير معجبي “محمود” له بعدم ترديد هذه الأغنيات، وبصراحة لو أن الواقعة صحيحة فإن “أحمد” و”حسين” يكونان قد ارتكبتا (هفوة) لا مبرر لها وكليهما يعلمان خصوصية العلاقة التي تربط معجبي “محمود” بالفنان العظيم حتى بعد رحيله، وهي خصوصية امتدت إلى علاقة وطيدة مع أغنياته أكدت مدى تغلغل هذه الأغنيات في جوف هؤلاء الشباب والذين لهم ألف حق إن منعوا أحداً أن يؤديها، وهي التي خلدت في وجدانهم بصوت (حوتة) فما الداعي لاستفزازهم بإصراراًهما على ترديد أغنيات لن يستطيع ترديدها إلا صوت “محمود” نفسه!! على فكرة لا زال “أحمد” و”حسين” حالهما كحال كثير من الفنانين الشباب الذين لا يستطيعون الفكاك من حصار وأسر أغنيات الغير، حتى لو أنهما تملكا أغنيات خاصة بهما وهي عقدة منعت كثيرين من أن يخلقوا شخصية فنية خاصة وجعلتهم يدورون في فلك الآخرين.
كلمة عزيزة
اتصل علىَّ أمس زميل عزيز مبدياً استغرابه من تطابق حديثي أمس مع حديث بعض الزملاء عن ما قاله عضو المجلس التشريعي عن فضائية الخرطوم، حيث قال لي هل هي حملة منظمة لصالح فضائية الخرطوم، فقلت له أولاً ما تعود هذا القلم أن يكتب بأجندة مع أو ضد أحد، صحيح أنا تملكت المعلومة من خلال اتصال هاتفي من الأخ “عابد سيد أحمد” لكنها صادفت سياق رأيي في أداء مؤسسة المجلس التشريعي ونوابه ليس إلا!!