جمال علي حسن

البشير في الصين.. زيارة بالحاسبة الرقمية


إذا كان وصف الرئيس الصيني للبشير بأنه (الصديق القديم) للشعب الصيني فإن الصين بالنسبة للسودان هي الصديق الذي ظل يثبت حضوره في وقت الضيق.
وما أكثر أوقات الضيق وضغوط الحصار الأمريكي والغربي التي ظل يواجهها السودان، وما أبرز الحضور الصيني في تلك المواقف عبر تعاونها وخبراتها وامكانياتها.. نعم الصين تفيد وتستفيد وهذا هو المطلوب لأننا لسنا دولة متسولة بل دولة غنية بثرواتها وبفرص نجاحها الاقتصادي لكن أوضاعنا السياسية والأمنية ظلت هي التي تكتف أيدينا ولولاها، ولولا هذه السنوات التي ضيعناها في الخلاف والاختلاف والحروب والانتقام السياسي، لكان للسودان شأن آخر ووضع مختلف عن الوضع الذي يعيشه الشعب السوداني.
نعم هناك عوامل داخلية أيضاً كان لها سهمها في إحداث التراجع والفشل الاقتصادي مثل الفساد الذي يجب أن يمضي السيف في عنقه بالتمام، لكن عوامل عدم الاستقرار الأمني والسياسي هي صاحبة السهم الأكبر في تعطيل بلادنا عن النهوض والتنمية بالمستوى الذي يحجز لها مقعدها الذي تستحق.
وفي الوقت الذي كانت تحرم فيه أمريكا ودول الغرب السودان من قطع غيار الطائرات المدنية ويتمنع الغرب على السودانيين في تقديم تقنياته ومنتجاته لهم وحتى المعرفة العلمية ويحرم الشعب السوداني من الاستفادة من المعونات وتمويلات الصناديق الدولية للمشروعات التنموية، كانت الصين تتقدم قائمة ممولي أكبر مشروع لتوليد الطاقة الكهرومائية في السودان بعد حكومة السودان نفسها حيث بلغ التمويل الصيني لمشروع سد مروي 608 مليون دولار أمريكي.
بجانب أعمالها وإسهاماتها الضخمة في مشروعات النفط والطرق وغيرها.
الصين هي صديق وحليف اقتصادي قوي للسودان بل هي أكبر مستثمر أجنبي في السودان حالياً.. ساندت وأنعشت اقتصاد السودان في الوقت الذي كان قد تخلى عنه الآخرون، وقدمت نفسها بديلا بلا منٍ ولا أذى لتضعف وتهزم أهداف الحصار الاقتصادي المفروض على السودان في توقيت دقيق كان من الممكن أن تنجح فيه أجندة الحصار وتتسبب في عملية إنهيار كامل لاقتصاد السودان..
وإذا كانت زيارات الرئيس البشير السابقة وتحديه لقرارات المحكمة الجنائية هي زيارات ذات بعد سياسي وسيادي بالنسبة للسودان أو بالنسبة للحكومة فإن زيارة الرئيس البشير الحالية للصين حتى لو لم تغب عنها تلك الأهداف لكن بدرجة أقل بكثير من الهدف الأساسي المحسوب بالكالكيوليتر الاقتصاد.. هي زيارة للشريك الاقتصادي الأكبر للسودان وتهدف بشكل أساسي لتوفير بدائل النقص الأساسية في مختلف مجالات الاقتصاد والاستثمار والتنمية، في السودان.
زيارة مهمة في وقت دقيق وحساس.. زيارة تعالج الديون القديمة وتفتح آفاق تعاون جديدة وتفك الكثير من عقد الخناق الإقتصادي، زيارة عملية وزيارة عقود واتفاقيات وليست زيارة وعود كاذبة وترهات ومانحين غربيين كذابين.
فالصين لم تعد مجرد بديل اقتصادي للسودان عن خيارات أخرى، بل هي شريك اقتصادي أصيل وصاحب أولوية كاملة.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.