في العلل والاسباب ..!
«في الحياة نعمتان، حب الفن وفن الحب» ..
فريدريش شيلر!
(1)
ينسب إلى الرئيس الليبي معمر القذافي قوله أن (السبب الأصلي للطلاق هو الزواج)، والمعنى – على فكرة – جائزة مع بعض التحرير والإضافة! .. فالسبب الأصلي للطلاق هو طريقة الزواج .. مثلاً: البرستيج الاجتماعي هو الذي بات يتحكم في خيارات الزواج لذلك كثر الطلاق .. أليس كذلك؟! .. نحن مجتمع يتقدم لخطبة الشهادة، ويتزوج الصفة المهنية، ويجتهد كي يعيش تحت سقف واحد مع المنصب والصيت والمكانة .. مجتمع يستجدي معظم أفراده احترام الآخرين بعقد الشراكات المهنية الذكية، لذلك ننتهي في الغالب جيران غرباء، تربطنا وحدة النسل والمصالح، أما عُري الروح وإفلاس الفكرة فأسرار يحفظها باب مغلق، وتفضحها مشورة هاتفية عبر برنامج اجتماعي ..!
(2)
في بواكير العلاقات العاطفية يبقى كل طرف في حالة تشكك بمشاعر الآخر، فيجتنب الصراحة ويظهر خلاف ما يبطن، حتى ينفي عن نفسه تهمة «الخفة» و»الكبكبة»، لذلك يكثر العناد! .. إلى أن تأتي تلك اللحظة التي تسقط فيها الأقنعة وتذوب الثلوج، ثم يسود الاطمئنان وتتبدد المخاوف والشكوك، فيكون الاعتراف في تلك المرحلة هو سيد الأدلة! .. ذلك المشهد (الماستر سين) صوره أستاذنا فضل الله محمد في أغنية الجريدة لـ محمد الأمين بتقنين عبقري، ولوحة خلابة، وتجسيد ثلاثي الأبعاد للحظة البوح الشفيف، بكل ما تزخر به من خوف وتردد وتذبذب عنيف لمؤشرات الثقة بالذات وبالحظوة عند سكان القلوب .. الأغنية تصوير كثيف ومقنن لتناقضات لحظة النطق بالحب، بكل نتوءاتها اللدنة وانبعاجاتها القاسية! .. يحرقك العناد .. تسيل دموعك .. فتتمرد على خوفك بردة فعل شامخة على غرار «زي عنادك عايز اعاند» ..!
(3)
كيمياء التوافق ومشاعر الرضا بالآخر لا تنمو وفقاً لمتوالية عددية، لأن القناعة والسعادة أحوال قلبية متفاوتة لا يجوز معها قياس ولا ينجح معها تعميم في أي شأن من شئون الانجذاب العاطفي الذي قال «بلزاك» إنه كالموت لا يعترف بالتصنيف ولا يشتغل بقوانين الأرشَفَة .. نظريات انعدام فرص النجاح بناء على حسابات رياضية لفارق العمر نظرية ثبت تهافتها في أحوال كثيرة .. فنحاحك في الحياة مع شريك يكبرك أو يصغرك أمر مرهون بحزمة من التفاصيل الشخصية والخاصة التي لا يجوز معها التعميم .. صحيح أن أسباب الخوف من فارق السن بين الزوجين تنحصر في تفاوت الوعي والنضج الاجتماعي والحالة الصحية والمقدرات الجسدية، لكنها – كما ترى – أحوال نسبية ما عادت هي المقياس في عصر الأعمار البيلوجية وثورات العقاقير ..!
(4)
مشكلة مقارعة الحجة بالحجة والإصرار على استصحاب الندية الفكرية هي أنها من أطول الطرق – وأكثرها وعورة! – للوصول إلى ما تريده بعض الزوجات .. فالمناقاشة – على إطلاقها – طريق شاق ومحفوف بالكثير من العناد الذكوري الذي يستحيل معه الإقناع! .. إلى درجة أن بعض العلماء جعلوا من هذه المعضلة موضوعاً لدراسة علمية محققة، فقاموا وقعدوا، وتابعوا وحللوا، ثم أبثتوا بعد ظهور نتجائها أن «فنجان قهوة» متقن الصنع هو أفضل طريقة لاستهلال أي نقاش زوجي! .. يا نساء السودان» الجماعة قالوا إن الكافيين يزيد قابلية الرجال لحسن الاستماع، لأنه يحسن المزاج ويساعد على الاقناع، فيرفع «سي السيد» رايته البيضاء وهو بكامل قواه القلبية .. فهل من مُذَّكِرة ..؟!