جمال علي حسن

جرعات لتخفيض نسبة “داعش” في الدم ١


لماذا لا يريد بعضنا أن يصدِّق أن تصنيف السودان في خارطة الوباء الداعشي الذي ينتشر في المنطقة يقع ضمن الدائرة الرمادية إن لم نقل إن السودان يقع في الدائرة البيضاء تماماً وليست تلك الدائرة الحمراء التي تشير إلى الحالة الوبائية..؟
لماذا استعجب البعض من تصريحات رئيس لجنة الحريات باتحاد الصحافيين العرب عبد الوهاب زغيلات في ورشة الحريات الصحفية في الوطن العربي التي استضافتها الخرطوم الأسبوع الماضي وقوله إن اختيارهم الخرطوم لإقامة الورشة أتى لانها بلد لا دواعش فيها.
لقد طالعت مداخلات على الوات ساب في مجموعات تضم مثقفين سودانيين بعضهم بدا وكأنه غير قادر على تجميع أجزاء الصورة وتقييم المشهد العام في المنطقة ليتوصل إلى نفس هذه الحقيقة التي قدمها زغيلات حول حالة السودان قياساً بحالة الدول المجاورة له في المحيط العربي والأفريقي..
بوكو حرام في نيجيريا وتشاد وتنظيم داعش في ليبيا وتونس ونشاطات داعش الإرهابية في السعودية والكويت والوجود الداعشي في اليمن وقبل كل ذلك الوباء الداعشي الذي يضرب كل أرجاء سوريا والعراق ومظاهر نشاط الجماعات المتطرفة تلك في تركيا ومصر والأردن.
أين نحن وأين هم الآن..؟ ألسنا في رحمة كبيرة عن حالهم وما يواجهون من تفجيرات إرهابية وقتل وترويع مستمر تعيشه شعوب الجوار العربي والأفريقي..
حتى دول أوروبا نسبة نشاطات داعش وانتشار وبائها فيها أكثر من نشاطها في السودان بكثير.. وهذه أقدار طيبة وحالة صحية يجب أن نعمل جاهدين على المحافظة عليها ووقاية أنفسنا ووقاية مجتمعنا من خطر الأعمال الإرهابية والتفجيرات والنشاطات المتطرفة التي أظهرت حالة التعافي النسبي منها في السودان ترجيح المجتمع السوداني للكفة بفارق حضاري عن الآخرين.
وقد شاهدت على شاشة النيل الأزرق أول أمس تقريباً حلقة من برنامج قيد النظر الذي يقدمه الحبيب الطاهر التوم استضافت باحثين ومختصين في شؤون الجماعات الإسلامية ودار النقاش حول وجود داعش في السودان ونشأة الخلايا المتطرفة وقد قدمت هذه الحلقة معلومات مفيدة حول هذا الملف، لكن الملاحظة المهمة هي أن المتحدثين لم ينتبهوا لما يمكن أن يخرج به أي مشاهد عربي أو خارجي – خالي الذهن والمعرفة بواقع السودان – حين يشاهد مثل هذا النقاش دون أن تكون هناك توضيحات وتوصيفات دقيقة من جانب المتحدثين لحجم نشاط هذه الخلايا ومحدودية وجودها في السودان.
إعطاء صورة أضخم من الصورة الحقيقية لوجود ونشاطات هذه الجماعات المتطرفة في السودان قد ينعكس بصورة سلبية ويزيد من تنشيطهم في بلادنا..
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.