قميص “هلاوي”!!
يمتاز الأستاذ الشاعر والأديب “سعد الدين إبراهيم” بخيال واسع في سرد القصص والحكاوي، وهذا نابع من رواياته وبرامجه الدرامية الإذاعية والتلفزيونية.
فالأستاذ “سعد الدين” رجل صحافي وإذاعي وتلفزيوني عاش في “الحيشان” الثلاثة فترة طويلة من الزمن مع رموزها ونجومها، ويملك مقدرة فائقة في سرد القصص داخلها.
الأستاذ “سعد” جلس معي لفترة طويلة من الوقت، وحكا أن الأستاذ الشاعر صاحب قصيدة (مين علمك يا فراش تعبد عيون القاش) الأستاذ “هلاوي” الرجل الأنيق البسيط في تعامله مع الآخرين، قال “سعد” إن أحد الشعراء جاء ليقرأ مقاطع من الشعر بالتلفزيون ووقتها كان يرتدي قميصاً رائعاً لفت نظر “هلاوي” الذي كان من المفترض أن يدخل لتقديم إحدى الحلقات المسائية بالتلفزيون ولم يكن مرتدي قميصاً يناسب تقديم الحلقة، فتحايل على الشاعر بأن قميصه لا يناسب الديكور ويفترض ان يستبدله بآخر، لكن الشاعر لم يكن لديه قميص وإذا حاول الرجوع إلى البيت فإن الحلقة ستلغى، فقال له “هلاوي”: الحل عندي فأنا سأعطيك قميصي وتعطيني قميصك، وعندما تنتهي من التسجيل أعيد لك القميص فوافق الشاعر على ذلك، ولم يصدق “هلاوي” أنه وجد قميصاً “سيقشر” به في تقديم حلقته، فلبس “هلاوي” قميص الشاعر وعندما انتهى خرج من الأستوديو وذهب إلى منزله، فأحس الشاعر بأن هناك مقلباً قد أحيك ضده، فسأل عن “هلاوي” ولم يجده وبدأ يسأل عن مكان سكنه وعرف أن “هلاوي” يسكن جنوب الخرطوم، لكن في أي منزل وفي أي حي لا أحد يعرف.. المهم توكل على الحي القيوم وركب مواصلات تلك المنطقة إلى أن وصل وبدأ في السؤال إلى أن وقف أمام باب الأستاذ “هلاوي” فطرق الباب فجاءت ابنته فسأل: أبوك في؟ قالت له: نقول ليه منو؟ قال لها: لو ما بتعرفيني ما بتعرفي قميص أبوك؟؟ والشاعر وقتها كان قد استأجر القميص من أحد “الغسّالين” للظهور به في الحلقة التلفزيونية.
إن حياة الإعلاميين حافلة بالإبداع والطرائف، وهناك آلاف من القصص التي يمكن أن تؤلف منها كُتب، ويمكن أن تحول إلى قصص درامية أو مسلسلات، فنحن شعب مبدع ويجري الإبداع في عروقنا، ولكن كيف نحول هذا الإبداع إلى عمل مسموع أو مشاهد، فالروايات التي نقرأها في الكُتب لم تكن نسج خيال بل هي قصص واقعية شخوصها موجودون في المجتمع، فـ(عرس الزين) و(دومة ود حامد)، وكل القصص التي كتبها أديبنا الراحل “الطيب صالح” لم تكن نسج خيال بل هي قصص واقعية، وأظن أن آخر شخص في (موسم الهجرة إلى الشمال) أو (عرس الزين) قد توفى الأيام الماضية، فنأمل أن تتحول مثل تلك القصص إلى دراما.