الفرق بين مهنية ومهنية!!
أكثر ما يجعل الإعلام والإعلامي قريباً من الناس ولصيقاً بقضاياهم هو أن يمارس دوره وواجبه بكامل المهنية ليعطي الألوية دائماً للحقيقة ولأسبقية الأهم في الأحداث ثم المهم، وللأسف الشديد أنه ظلت بعض القنوات تقدم في خدمتها الإخبارية ما يعدّ في حكم الحراك العادي لأي مسؤول، وبالتالي لا يستحق أن تهدر فيه الدقائق الغالية عشان الكاميرا (تسك) “فلان” لأنه فتح مستشفى أو “فرتكان” لأنه قطع شريط لسفلتة شارع، وأحياناً هذه الأخبار المكررة تأخذ الأسبقية والأولوية حتى على الأحداث المهمة فقط لأن السيناريو الأول بطله رجل مهم وبقية السيناريوهات أبطالها الحدث نفسه وليس الاسم!! لكنني أمس الأول صفقت إعجاباً بمهنية (فضائية الشروق) وهي تقدم إفادة مسؤول الحج المقيم في المملكة العربية السعودية على مقابلات رئيس الجمهورية وتصريح دكتور “غندور” وزير الخارجية وإفادة مسئول بعثة الحج كانت تتعلق بتطمينه للأسر السودانية بعد حادثة الرافعة في الحرم المكي الشريف بأنه لا يوجد بين القتلى والمصابين حاجاً من الحجاج السودانيين، ودعوني أقول إنها سابقة لم أشاهدها قريباً في نشرات الأخبار التي كنت أحتار كيف أن بعضها يتسرب إلى الصف الأول رغم أنه يقع في حكم المعتاد والمكرر، فالتحية لـ(الشروق) وهي تنحاز للحدث ولهمّ الإنسان السوداني، وتجعل خبر طمأنة أهلنا على ذويهم مانشيتها الأول والأهم!! لكن ولأن الحلو ما بيكملش شهدت بعد أربع وعشرين ساعة حفل توقيع إنشاء مستشفى سرطان الأطفال بفندق “كورال” الذي تصدت له جمعية “بت البلد” بدفع رباعي من وزارة الصحة الولائية.. وشاهدت فقرات حفل التوقيع الذي قدمه الزميل “عمر عائس”، ولأن مثل هذه المناسبات يحكمها بروتوكول معروف ومعلوم (بتراتبية) الأحداث فمثلاً بعد توقيع البروتوكول يتم تبادل الكلمات الذي يختم دائماً بكلمة المسؤول الجالس على المنصة وهذا ما حدث، حيث إنه بعد التوقيع تحدثت السيدة “ليلى محمد علي” رئيسة الجمعية ثم أعقبها السيد الوزير “مأمون حميدة” وحتى هنا كان يفترض أن ينتهي البرنامج، لكن فاجأنا المذيع الداخلي بأنه سيكسر البروتوكول ويتيح الفرصة لشخص له علاقة بهذا العمل الإنساني الكبير كما قال، وتصورت أنه إما طبيب يعلم معاناة هؤلاء الأطفال وأسرهم أو أنه أحد الناشطين وهم بالكوم من الذين يدعمون هذه الشريحة، أو قلت كما شطح بي خيالي إنه ربما تفتقت عبقرية من وضع البرنامج ومقدمه أن يتحدث طفل مصاب بالسرطان ليشكر الجمعية والوزير، لكن كانت صدمتي كبيرة أن الأخ المذيع منح الفرصة لاثنين من رجال المال والأعمال أحدهما سوداني والآخر عراقي ليخاطبا الحضور، وبصراحة لم أفهم ما قالاه أو لماذا كسرا البروتوكول ليتحدثا، حتى لو افترضنا “أنهم ح يبنوا المستشفى من ساسه لرأسه” فهل هذا سبب كافٍ لكسر البروتوكول ومنحهما فرصة الحديث؟ وهل لو كان من طلب الحديث شخص عادي ساي يعني لا رجل أعمال ولا حاجة هل كان منحه (ضابط المنصة) الفرصة؟ أنا شخصياً استأت جداً مما حدث وعدّدته أمراً لا علاقة له بالمهنية ومجاملة في غير محلها، لا أدري ما هي حسابات من قام بها لكنها تبقى في النهاية حركة ما لذيذة وما عندها معنى!!
{ كلمة عزيزة
طبعاً استغربت تبريرات الأخ عضو المجلس التشريعي “كبشور كوكو” تجاه والي الخرطوم الفريق “عبد الرحيم محمد حسين” حين قال إن والي الخرطوم ما عنده عصا موسى، ومعنى حديث الرجل على حد ما فهمت أنه لا ينبغي لأحد أن يطالب الوالي الجديد بفعل سريع وإنجاز مشاهد مرأى العين، لأنه ما عنده عصا موسى، وهو لعمري حديث غريب وعجيب لأنه لو أسقطنا ما قاله على أداء أي مسؤول فإن الشماعة جاهزة ليعلق عليها إخفاقه وفشله ويقول ليك أنا ما عندي عصا موسى!! طيب إذا أصلاً المحاسبة والمساءلة بهذا المبدأ فليأتوا بوزير من السابقين كان عنده عصا موسى وليأتوا بوالٍ كان يملك خاتم سليمان. أعتقد أن مثل هذا الحديث (المدغمس) هو الذي يفرمل حماس المسؤول ويمنحه الأعذار جاهزة، لأنه يجد من يتبرع له بها إنابة عنه.. قال عصا موسى قال!!
{ كلمة أعز
أعتقد أن حادثة اكتشاف طبيب أجنبي مصاب بالتهاب الكبد الوبائي حادثة كفيلة بأن تدق ناقوس الخطر تجاه اللا مبالاة التي نمارسها مع الأجانب، وبلادنا الآن تفتح حدودها للاجئين والوافدين والمستثمرين بلا حساب.. وهؤلاء جميعاً دخلوا بلا كشف صحي، ولا أي إجراءات احترازية، ليتجولوا في الأسواق والمطاعم، ودخلوا البيوت.. بالله عليكم أفيقوا من هذه الغفلة وشوفوا شغلكم!!