الصادق المهدي كلام زي الفل
أنت صاحب فكرة الحوار؟ وأنت من تمكنت من توقيع اتفاق مع الحركات المسلحة ونجحت في إقناعها بفكرة الثورة السلمية والعمل السياسي بدلا ًعن حمل السلاح وتغيير النظام بالقوة، وهذا يعني أنك صاحب قناعة قوية وراسخة بالعمل السياسي السلمي وليس العمل المسلح..
أنت أيها الإمام الصادق المهدي وبحسب إفاداتك وتصريحاتك تثق في تعهدات النظام بعدم اعتقالك فور العودة للخرطوم وتثق في ضماناتهم تلك..
ثم إنك – سيدي الإمام – تقر ضمنياً وبشكل واضح أن النظام يحتكم إلى قوانين وقضاء نزيه بدليل أنك تقول في حوارك مع صحيفة اليوم السعودية إن النظام كان يعتقلك في كل مرة ثم يعود ويطلق سراحك لعدم وجود تهمة من الأساس.. وهذا يعني أنه لا يقوم بتلفيق تهم و(تزبيط) إدانات لك..
خلافك مع الحكومة حول الحوار هو خلاف جزئي وتفاصيلي وربما خلاف إجرائي حول من يترأس الحوار وضمانات حماية حريات المتحاورين.
سيدي الإمام الصادق المهدي قضيتك مع النظام مختلفة تماماً عن قضية عرمان وعقار ومناوي وبقية حاملي السلاح، كما أن موقفك من الحوار الوطني يختلف تماماً عن موقف فاروق أبو عيسى والخطيب وغيرهما من قادة الأحزاب التي أنت الآن على تحالف اضطراري معها.
فكيف وجدت تبريراً لإقامة تحالفات اضطرارية عبر اتفاق نداء السودان وغيره مع الجبهة الثورية رغم اختلافك الكبير مع منهجها وخياراتها ولم يسعفك مخزن التبرير لتكييف بعض الخلافات غير العميقة – في أصلها – مع النظام الحاكم كي تعمل على تطوير حالة الحوار الوطني من وضعها الحالي الذي تصفه بأنه عقيم وأنت أحد أبرز أطراف تطبيبه لو استخدمت نفس المنهج الذي جعلك تتجاوز تباينات موقفك مع موقف الجبهة الثورية وتتحالف معها..
ما الفرق؟
في ظني أن الصادق المهدي بمقدوره غداً أن يقوم بتكييف موقفه والانتقال منه إلى قلب قاعة الحوار دون أن يكون هذا الانتقال معيباً من قواعد حزبه ومناصريه، لأنه لو كان في موقفه الحالي موقف (الحردان السياسي) لخيارات الحوار والتفاهم لو كان هذا الموقف مبرراً ومقبولا ً بالنسبة لتلك القواعد باعتقاد أن الإمام وقف عند طريق مسدود ولم يكن أمامه خيار آخر سوى الذي اختار، فإن الانتقال من هذا الموقف والعودة للحوار ستكون أيضاً مبررة ومقبولة ًبالنسبة لقواعد حزب الأمة والساحة السياسية الواعية باعتبار أن الإمام نجح في التغلب على عقبات محددة وتجاوزها ليعود إلى الحوار الذي ظل ينادي به ويعمل له ويقنع الحكومة به طوال سنوات كما يقول في الحوار..
المبدأ إذن، هو الحوار وهو خيارك سيدي ولذلك لو كان هذا الحوار متوفراً بحده الأدنى ولو بمستوى وجود الشعار فقط فهو في النهاية يمثل الخيار المبدئي الأفضل والأقرب والأكثر انسجاماً مع فكر الصادق المهدي مقارنة بخيارات العمل المسلح التي ظل ينتقدها بنفسه لسنوات.
والمبدأ هو التغيير السلمي ولو وفر هذا الحوار حياة سياسية متعافية وأسس لحريات سياسية محمية بالدستور والقانون فهو الخيار الأفضل والخيار المبدئي للإمام الصادق وليس الحرب والعمل المسلح.
لا نريد من الصادق المهدي المغبون سياسياً أن يلغي ويضيِّع منا الصادق المهدي (السياسي الموضوعي) الذي عرفته الساحة والرجل المشحون بالمثالية السياسية وقيم الوطنية والسلمية والفكر والثقافة والإصلاح ..
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.