إنهم يكيدون كيداً
ما يحدث في حدود بلادنا الشرقية من مواجهات بين الجيش الإريتري ومجموعات عسكرية أثيوبية متمردة هو جزء من مؤامرة كبيرة يتم الإعداد لها بذكاء وصمت، لتجر السودان الى مستنقع الخلافات مع دول الجوار من جديد لفتح جبهة جديدة تستهدف إضعاف نظام الحكم القائم في الخرطوم وتحويل السودان الى ميادين لتصفية الحسابات بين دول الإقليم.
كثيرون قد يستبعدون هذا السيناريو ويرون من المواجهات ظاهرها , لكن البعض ربما يرى ما وراء الحدث, ويعمل على تفكيك الوقائع الدامية بمحاولة الإجابة عن أسئلة من شاكلة( من هم أصحاب المصلحة في ان تتصادم إريتريا مع المعارضة الاثيوبية ومن ثم مع دولة أثيوبيا؟) أو مثل ( لماذا هذا التوقيت بالتحديد مع محاولات لإشعال نار الخلاف على حدود السودان الشرقية مع أثيوبيا وصب الزيت على نار الخلافات القديمة حول (الفشقة) وما حولها ؟)
الأسئلة كثيرة وعديدة وبعضها قد يحمل إجاباته داخل علامات الاستفهام نفسها.. مثل ( من الذي سيربح الحرب في حال المواجهة ..؟) هل ستربحها أثيوبيا الناهضة النامية التي تعيش تجربة ديمقراطية أفريقية فريدة..أم تربحها إريتريا الواقعة تحت قبضة رجل واحد..؟ وهل تستند (أسمرا) على قوة أخرى ساعة المواجهة والحرب المحتملة ..(؟) وهل لاسرائيل يد في الذي يجري الآن.. أم أن ما يحدث الآن تشارك فيه أكثر من دولة وتصنع تفاصيله أكثر من يد.؟
المراقب الحصيف لا يقرأ الأحداث منفصلة, لابد من الربط بين ما يحدث في دولة جنوب السودان من صراعات بين الحكومة والمعارضة والتي ان انتهت بالتطبيق الفعلي لاتفاقية السلام بين الطرفين, فإن نتيجة ذلك أن تبحث المعارضة السودانية المسلحة والمتمثلة في الحركات المتمردة عن أرض جديدة تنطلق منها لمواجهة النظام السوداني, وهذه الأرض الجديدة قد تكون على حدود السودان الشرقية .. وهذا يتطلب جرجرة الخرطوم الى مواجهة مع إحدى الدولتين في شرق السودان, لتفتح أبوابها بعد ذلك لاستقبال الحركات المسلحة المعارضة لنظام الحكم في الخرطوم.
وما يحدث الآن سيجد من يستفيد منه إقليمياً ودولياً خاصة بعد إعلان مجلس السلم والأمن الافريقي الخاص بالحوار السوداني السوداني, وإحالة الملف الى مجلس الأمن الدولي اذا لم يتم التوصل الى اتفاق بين الفرقاء قبل الخامس عشر من نوفمبر المقبل.. وهذا يعني وضع السودان تحت البند الرابع ووضع جنوب كردفان والنيل الأزرق تحت الوصاية الدولية تمهيداً لما هو أخطر من ذلك.. وهو الانفصال.