الزواج عبر مواقع التواصل الإجتماعي.. بين النجاح والفشل
الزواج عبر المواقع الاسفيرية أو مواقع التواصل الإجتماعي، وسيلة عصرية اقتضتها طبيعة وتطورات العصر، فهي عالم غير مرئي يؤسس لعلاقات تشوبها الكثير من المهددات والمخاطر، وجوه تختبئ وراء شاشة الهاتف وترمي بالكلمات المنمقة والعبارات الجذابة التي قد تجد صدي في نفس أحدهم وتبني لعلاقات قد تكون مجهولة المصير، علماء النفس والاجتماع أكدوا أن مثل هذا الزواج مبني على علاقات تصاحبها الكثير من السلبيات واختلاف الأفكار والمبادئ لدى الطرفين في الطبيعة عن الصورة التي رسمها كل منهما عن نفسه خلف الشاشة، وهذا ماقد يكتشفه الطرف الآخر مع المعاشرة بعد الارتباط.. وهؤلا يعتقدون أنه أشبه بالزواج التقليدي الذي يتوج بزواج، دون أن يرى كل من الطرفين الآخر، وأن كثيراً من مثل هذه الزيجات قد اثمرت وأطرت لعلاقات زوجية دامت استمراريتها. ما بين الرأي والرأي الآخر استصحبنا في البدء آراء بعض الشباب والشابات باعتبارهم الفئة الأكثر استهدافاً.
طلبات للزواج
أثناء تصفحها لمواقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك لفت انتباهها مجموعة باسم زواج سوداني تضم عدداً كبيراً من الأعضاء يصل الى ( 13278) عضو وعندما دخلت لتصفح محتوياتها وجدت طلبات للزواج بمواصفات مختلفة، الكل يكتب مواصفات شريك حياته للبحث عنه، ووجدت ردوداً واستجابات لهذه الطلبات، وشعرت حينها وكأنها تعيش في نادٍ مفتوح للشباب والشابات يتسم بالجرأة والحرية دون رقابة من أحد.. وختمت ناهد رأيها بسؤال هل مثل هذه العلاقات استهتار وتلاعب بالمشاعر؟ أم قد تصدف تلك العلاقات وتنجح مخالفة لعاداتنا وتقاليدنا.
ويقول الطالب الضو عيسى بجامعة النيلين قسم علم الاجتماع: لأنه لا يصح اتباع هذا النهج في التأسيس لحياة زوجية مثمرة، ويرى أنه مخالف لعاداتنا وتقاليد مجتمعنا المحافظ هذا من جهة.. ومن جهة أخرى فإن الزواج عن طريق الانترنت له سلبيات كثيرة، ومن أهمها اختلاف الأفكار والمبادئ لدى الزوجين، وأيضاً قد يكون الزوجين مختلفين في الطبيعة عن الصورة التي رسمها كل منهما عن نفسه خلف الشاشة، وهذا ما قد يكتشفه الطرف الآخر مع المعاشرة بعد الارتباط وهنا يكمن بيت القصيد لأحد أهم أسباب فشل الزواج عن طريق الانترنت..
قصص بطولية
ومن وجهة نظر الزوج خلف الله صبحي أن الزواج عن طريق الانترنت ليس خطأ أو جرماً، فهو سيكون سبيلاً أو وسيلة لجمع رأسين بالحلال وتيسير أمر الزواج للبعض وإنما فيه القليل من المصداقية، حيث الأغلبية يؤلفون قصة هم أبطالها، ثانياً من ناحية النسب إذا لم يكن من نسب يناسب الطرف الآخر فكيف سيكون مصير انسجامهم.. للعلم نحن نعيش في مجتمع متعصب قبلياً لا يمت بصلة للمنطق ويأبه الاعتراف بالواقع.
زواج يلازمه الشك
إن كانت البداية هي شاشة حاسوب فتلك الشاشة تكون سبباً للكثير من المشاكل بسبب الشك، هذا الاعتقاد صادر من زوجة وأم.
– نهلة محمد موسى تقول: كلما جلس أحد الزوجين أمام الشاشة ستراوده الأفكار التي جمعته يوماً ما بالطرف الآخر، ومن ثم تدور بخاطره الكثير من الظنون والشكوك التي ربما تفضي للفشل في الزواج ويختم بطلاق، وتضيف في كثير من الأحيان أن شخصيات الانترنت تكون مجهولة في كثير من الأحيان، وتلك الشخصيات هي من ترسم لنا ملامحنا على هواها تختلف عن الواقع، كذلك هذا الزواج لايراعي بعض أهم الأعراف في الزواج مما يجعله في الواقع يتعرض للرفض والعراقيل، ونزاع بين اتمام الزواج والوصول للمحاكم من أجله..
عنوان للنجاح
ويري دفع الله عبد الله خريج طب بجامعة النيلين: إن كان على العادات والتقاليد فحتى الزواج بزميل الدراسة وزميل العمل لم يكن ضمن العادات والتقاليد، لكنها أصبحت مقبولة اليوم عند الكثيرين، ولذلك أرى هذه الوسيلة حالها كحال الطرق الأخرى يصاحبها الفشل والنجاح، فكثير من الزيجات مرت مراسمها بالطرق المألوفة لدينا، إلا أنها أفضت لزواج غير ناجح، ولذلك أرى أن لا غضاضة في هذه الكيفية وأنه لايختلف كثيراً عن الطرق الأخرى، فحتى الزواج التقليدي قد يفشل، فهذه العلاقات تبدأ بشاشة حاسوب لكنها تمر بكل العادات الأخرى من خطبة، وسؤال، ومهر وزواج.. لا أرى أنه ينبغي أن نركز كثيراً على الطريقة، فهي ليست عنواناً للفشل والنجاح، إنما التركيز على شخصية وتكافؤ الزوجين من كافة الجوانب..
– وترى العاملة ببرج البركة هدى حسين: إن زواج النت لا يختلف كثيراً عن الزواج التقليدي، فالزواج التقليدي يخطب الرجل بدون مايعرف المرأة، اللهم إلا النظرة الشرعية، وفي زواج النت يمكن إذا كان فيه شفافية بين الشخصين ومصداقية والتعرف، ودراسة كل طرف للآخر بوعي وجدية، فالزواج كما البطيخة يا تطلع حلوة ولذيذة أوتطلع خربانة )وأضاف شهدت بنفسي الكثير من الزيجات الناجحة عن طريق الانترنت..
قصة ندم
– وتروي منى أحمد قصتها بندم وحرقة وتقول.. حينما تعرفت عليه كان مقيماً بإحدى الدول العربية وتطورت العلاقة بيننا، وبدت لها معالم الحب والإلفة ووعدها بالزواج فورعودته للسودان، واستمرت تلك العلاقة لعدة سنوات، وعندما تقدم لها أحد أقاربها يطلب الزواج منها، حينها أخبرت والديها بقصتها مع ذلك الشخص الغريب، فطلبوا منها للتأكد من جديته، وفعلاً قام بإخبار أهله وحضروا للمنزل وتم القبول من الأسرتين، ورهنوا بقية المراسم حين عودته للسودان، ولكن كما كان الانترنت سبباً في جمعهم كان أيضاً سبباً في تفرقهم، فقد دخل الشك بينهما وفقد الطرفان الثقة في بعضهما، وأفضى الشك لطلاق مبكر.
علماء النفس يحذرون
– وتحذر الباحثة الاجتماعية الدكتورة حنان الجاك من التأسيس لعلاقات عبرالمواقع الاسفيرية، لأنها في عالم غيرمرئي، وتقدم الاغراء لمفهوم الارتباط، وتبقى الخطورة في من تسلم نفسها بدون تفاصيل للطرف الآخر، الذي قد يكون مختبئاً وراء دوافع مريضة، وحتى لا تتحول تلك المعرفه الى وسائل ضغط سالبة لابد من معرفة الطرف الآخر معرفة تامة، وتتحول الى معرفة حقيقية ربما تفضي الى زواج مثمر، ويتوقف هذا على مدى فهم الطرفين.. كما أن هناك من يستهتر بهذه المواقع بهدف اشباع رغبات مرضية، لذلك لابد من دراسة الحاله لأنك لا تستطيع استيعاب الدواخل، فقد يكون هروباً من واقع يعيشه، وأحياناً يكون مجرد نزوة عابرة يجد فيها متنفساً لهذه الرغبات، لذلك لابد من الاستيعاب الكامل والحذر المطلق لأية معرفة عبر مواقع التواصل الاجتماعية المختلفة… وتضيف انتشرت أيضاً ظاهرة ارتفاع سوق الزواج بالسودانيات عبر مواقع التواصل نتيجة للكثير من العادات غير الموجودة في اي دولة.. خاصة فيما يتعلق بزينة المرأة السودانية وعطورها، لأن الكثير من الشباب يبحثون عن امرأة بمواصفات لا تتوفر إلا في السودانية، مما شكل الكثير من هذه العلاقات على الفيس بوك، وقد يجد الآخر ضالته في لحظة تواصل قد تكون إيجابية، وقد تكون سلبية ومدخلاً لإشباع نفسي وجنسي عبر الكثير من السلوكيات المريضة، لذلك أكرر لابد من الحذر ثم الحذر من علاقات في عالم به الكثير من المهددات والمخاطر:
باب للشر والفتنة
يقول فضيلة الشيخ اسماعيل صديق إن لهذا الأمر، عواقب وخيمة ولاينتج عنه خير والكثير من القضايا التي تعرض المحاكم جراء الاتصال عبر الانترنت والابتزاز الممارس عبر هذا التواصل، وهو في تقديري اتصال عن طريق غير القنوات الشرعية، ولا شك أنه مخالف للشرع والأمثلة كثيرة وغالباً مايكون في مثل هذا التواصل تخطئ لأدب الحوار.. وهذا التحدث والتعارف والعلاقات عبر الانترنت بين الجنسين فيه محاذير شرعية تجعله محرماً سدا لذريعة الوقوع في الحرام، وأغلب هؤلاء لايعطون معلوماتهم الحقيقية والانترنت ليس وسيلة سليمة لتعرف الخاطب على من يريد خطبتها أو العكس وأن الاستمرار على هذه العلاقة- إن وجدت- لا يجوز، والأجدر إن حدث اتصال أن تعرف الفتاة بنفسها وعنوانها وتقوم بقطع الاتصال معه، إن كان جاداً فإنه سوف يأتي لخطبتها أو يرسل من يتعرف عليها، وإن كان غير جاد فلن يظهر لها كما حدث مع الأخريات.. هذه الأمور السرية تعتبر من الخلوات المحرمة وتفتح أبواباً للشر على القلب، ونحن مأمورون أن نأتي البيوت من أبوابها.
تحقيق : ناهد عباس : أخر لحظة