لغات النوبة في النيل وجنوب كردفان.. أصول مشترك وتطور بيئي
نظم مجلس ترقية وتطوير اللغات القومية وضمن منتداه الشهري بمقره بأمدرمان أمس ندوة بعنوان (العلاقة بين لغات النوبة في النيل والنوبة في جنوب كردفان) استضاف فيها د. محمد جلال هاشم الأستاذ بجامعة الخرطوم والأستاذ جمعة إبراهيم غلفان الباحث في تاريخ ولغات النوبة .
ترأس الندوة البروفيسور/ عبد القادر محمود وعقب عليها البروفيسور/ الأمين أبومنقة وشارك في النقاش لفيف من علماء اللغات والباحثين والمهتمين بشأن اللغات في السودان في مقدمتهم البروفيسور/ يوسف الخليفة أبو بكر .
أكد د. محمد جلال هاشم والأستاذ جمعة غلفان الأصل المشترك بين لغات النوبة في الشمال ولغات النوبة في جنوب كردفان ودارفور خاصة عند مجموعة قبائل الأجانج والبرقد والميدوب مؤكدين على الواقع اللغوي المتشابك في السودان في كياناته المختلفة بما في ذلك عدد من الكيانات الإثنية في دولة جنوب السودان .
وركز المتحدثان في دراسة العلاقة بين لغات النوبة في النيل والنوبة في جنوب كردفان على محاور الأصل اللغوي المشترك أي التفرع من لغة (أم واحدة) والأصل العرقي ودراسة الجينات والنظريات التي استقرت حتى الآن والخاصة باللغات النوبية الأولى بجانب المؤثرات التي طرأت على تطور هذه اللغات جراء الهجرات الخاصة بالمجموعات النوبية في فترات تاريخية مختلفة من الغرب إلى النيل ومن الشمال إلى كردفان ودارفور ومناطق أخرى رغم الصعوبة العلمية التي تواجه الإقرار بوجود أصل جيني واحد لكل اللغات خاصةً مع الاختلاف الموجود حالياً بين اللغات النوبية جراء تعايشها مع لغات أخرى غير نوبية .
الندوة أسقطت بعض الاتجاهات التي نحت إلى محاولة معيار لون البشرة أساساً لاختلاف أصول المجموعات النوبية في الشمال وجنوب كردفان ودارفور واختلاف لغاتها تبعاً لذلك وذلك لأن المعيار اللوني معيار ذاتي وغير موضوعي في التصنيف العلمي ولا يمكن الاعتداد به في هذا المجال .
د. محمد جلال هاشم والأستاذ جمعة إبراهيم غلفان أكدا على وجود أصل ثقافي مشترك بين النوبة في جنوب كردفان ودارفور والنوبة في النيل يبدو ظاهراً وبوضوح في الأغاني التراثية خاصةً الملاحم والأساطير والقصة الشعبية مع وجود ذاكرة حية في تراث جبال النوبة عن منطقة النيل وسكانه ومجريات التاريخ في مناطق دنقلا وسوبا .
وقدم الأستاذ جمعة إبراهيم غلفان مقارنة لجوانب عديدة في الخصائص المشتركة بين لغات النوبة في النيل والنوبة في جنوب كردفان ودارفور خاصةً عند الميدوب والبرقد والكدرو وديبري مع الكنوز والدناقلة والنوبيين تبعاً للمفردات والأصوات والبنية اللغوية مما يؤكد وجود تماثل لغوي يصل إلى نسب عالية جداً عند بعض القبائل النوبية في جنوب كردفان مع مثيلاتها في النيل ، وأشار أستاذ جمعة غلفان إلى أن التوسع في دراسة الحقل الدلالي لهذه اللغات ستكشف علاقات إضافية بينها رغم التغييرات التي طرأت على الأصوات ومخارجها والتي تعود في جانب منها لاختلاف البيئات والتأثر باللغات الأخرى غير النوبية .
وأكد المتحدثون في الندوة عدم كفاية الدراسات الخاصة بهذه اللغات وعلاقاتها ودعوا إلى ضرورة التوسع في هذه الدراسات اعتماداً على التطور التاريخي والبحث ألآثاري للمجموعات السكانية في الشمال وجنوب كردفان ودارفور والعمل على استنباط التطور اللغوي الذي حدث في لغات المجموعتين وفي علاقتها بالمجموعات اللغوية والسكانية الأخرى بغرض إيجاد وتكوين سلسلة لغوية بين نوبة جنوب كردفان ودارفور ونوبة النيل .
وخلصت الندوة إلى وجود العناصر الأساسية التي تبرهن على وجود العلاقة بين لغات النوبة في النيل وتلك الموجودة في جنوب كردفان يمكن البناء عليها . وأكدت الندوة حاجة اللغات السودانية إلى اهتمام أكبر ودراسات جادة وأعمق مع ضرورة الاعتبار بنتائج الأعمال الآثارية في الشريط الرابط بين النيل والغرب والجنوب خاصة في وادي هور ووادي الملك والمقدم امتداداً إلى بحيرة تشاد .
تقرير : محمد أزرق سعيد
الخرطوم 17-9-2015 م (سونا)