جعفر عباس

حِكم مُحكمة وبديعة (2)


أواصل عرض حكم (بكسر الحاء)، جميلة السبك والحبك، ولها معان ودلالات عميقة، وأود لو تشاركونني الاستمتاع بها لأنها ليست من المعلبات المتداولة، بمعنى أنها – في ما أحسب – جديدة عليكم وعلي:
} لا تطعن في ذوق زوجتك، فقد قبلت بك واختارت أن تعيش معك. وعموماً فذوق النساء أفضل من ذوق الرجال، والمسألة لا تتعلق فقط باختيار الملابس والأثاث بل بـ (الذوق) بمعناه العامي الدارج (فلان عنده أو ما عنده ذوق)، أي التهذيب والتعامل حسب الأصول المرعية.
ولولا نقنقة زوجتك/ أمك/ أختك المستمرة، لوقعت في اللوم لعدم زيارة مريض أو قريب قدم من السفر أو الحج، (بعد كارثة سقوط رافعة في الحرم المكي قبل أيام، وهو ما أدى الى وفاة 111 شخصا وجرح المئات، اتصل رجل وصل مكة لأداء فريضة الحج بزوجته ليطمئنها بأنه بخير، لأنه لم يكن في الحرم ساعة وقوع الحادث. ثم صدر قرار من العاهل السعودي بمنح أسرة كل من استشهد في الحادث أو لحقت به إصابة جسيمة مليون ريال، فاتصلت الزوجة بزوجها وقالت له ما معناه: ليش ما كنت في الحرم؟ تحرم عيشتك).
والنساء أقل استخداما للألفاظ البذيئة والنابية، وإن كن متخصصات في (الدُّعا)، فمعظم النساء يدعون حتى على أقرب الأقربين. مثلا يقول الصبي لأمه: أريد زيارة عمتي، فيأتيه الرد: عمى يعميك، ويعلن الزوجً: طالع وما برجع قبل الفجر، فترد عليه بكل برود: روح إن شاللا (شاء الله) الروحة الما بعدها رجوع.
.. وهذا يقودنا إلى حكمة أخرى وهي أن اللسان الطويل دلالة على أن اليد قصيرة. يعني الكلام الكثير حيلة العاجز. (وإذا أراد الله بأمة سوءًا سلط عليها الجدل وقلة العمل).
} الزواج الفاشل، رجل اختار جسدا وامرأة اختارت بنكا.
} الفشل في التخطيط يقود إلى التخطيط للفشل (وأنظر حال الدول العربية لتعرف معنى هذا القول).
} قد يجد الجبان 36 حلاً لمشكلة ما، ولكنه يختار حلاً واحداً فقط هو (الفرار..).
} لا تخجل من إعطاء القليل فالمنع والحرمان أقل من (القليل).
} أجلب الحطب بنفسك لتحصل على الدفء مرتين.
} أترك الطعام الساخن قليلا ليبرد ويسهل أكله، واترك الخلافات الساخنة قليلة لتبرد ويسهل تهدئتها.
} أن تكون فرداً في قطيع من الأسود خير من أن تكون قائداً لأغنام.
وأريد أن أتوقف عند هذه النقطة لأنني لاحظت أن هناك أناساً كثيرين يحبون أن يحيطوا أنفسهم بآخرين يعتقدون أنهم أقل شأناً وفهماً ليتسنى لهم «صدارة» المجلس، وإطلاق الكلام الذي يحسبونه درراً، وأمثال هؤلاء يخشون مصاحبة أندادهم إما بسبب مركب نقص، أو لأنهم يعشقون الإحساس بعلو المكانة الذي يتأتى لهم بإحاطة أنفسهم بمجموعة من البسطاء الذين يسعدهم بدورهم الارتباط بمن يحسبونهم من الشخصيات «ذات الوزن». يعني بالمقابل هناك أناس عاديون في كل شيء يتجنبون الناس العاديين مثلهم ويحاولون الالتصاق بالشخصيات «المهمة».
ويا أعزائي فممن يسمون بالعظماء من يشعر المرء في حضرته بأنه صغير، ولكن العظيم بحق هو من يشعر الجميع في حضرته أنهم عظماء، وقد تجد عالماً يستخف بمن يسأله سؤالاً معيناً بل يجعل منه مادة للضحك، ولكن عالماً آخر يتلقى نفس السؤال فيقول للسائل: بارك الله فيك فقد طرحت سؤالاً مهماً يتحرج غيرك في طرحه.
} بعض القول فن ولكن حسن الإصغاء فن أكثر رفعة.
} لا تجادل الأحمق فقد يخطئ الناس في التفريق بينكما.

jafabbas19@gmail.com