تحقيقات وتقارير

دعم مبادرة “البشير” ومطالبة أصحاب المصلحة بتهيئة مناخ الحوار الوطني


إبقاء السودان تحت البند العاشر (الإشراف)، وتمديد ولاية الخبير المستقل المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان لعام، تبنته بقوة دول عدم الانحياز والمجموعة الجغرافية ومجموعة من الدول على رأسها سويسرا، حيث اجتمعت تلك الدول بمدير المركز الأفريقي لدراسات حقوق الإنسان، في الاتحاد الأوروبي، دكتور “عبد الناصر سلم حامد” في العاصمة السويسرية “جنيف” قبل الاجتماع، وخرجت المجموعة والمركز بالاتفاق على إبقاء السودان تحت البند العاشر.
واستطاع السودان في هذه الدورة الـ(30) لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في “جنيف”، إحباط مشروع القرار الأميركي لإعادة السودان للبند الرابع.
وأثار قرار إبقاء السودان تحت البند العاشر، ردود فعل متباينة داخلياً وخارجياً، حيث أسف رئيس كونفدرالية المجتمع المدني والقانوني المعروف الدكتور “أمين مكي مدني”، لإبقاء السودان في البند العاشر بدلاً من إعادته للبند الرابع (الوصاية).
خيبة المعارضة
وأوضح “مدني” في مقابلة مع (راديو تمازج) عقب عودته من العاصمة السويسرية “جنيف” التي شهدت مداولات حول التقرير الذي قدمه الخبير المستقل في مجلس حقوق الإنسان عن السودان، أنهم كانوا يأملون أن يعاد السودان للبند الرابع، بسبب الانتهاكات التي تشهدها البلاد، ولكن (للأسف) تم إبقاؤه في البند العاشر، مشيراً إلى أن ذلك أفضل من لا شيء،قائلاً: إنه لم يندهش من وقوف بعض الدول الأفريقية والعربية بجانب السودان، مشيراً إلى أنه لا تزال بالسودان قوانين مخالفة للقانون الدولي والدستور، تمكن الحكومة من مواصلة الانتهاكات .
البند الرابع مجحف
وفي أول تعليق على قرار مجلس حقوق الإنسان بجنيف، ﻗﻄﻌﺖ وزارة الخارجية السودانية ﺑأن أوضاع حقوق الإنسان في البلاد شهدت خلال الفترة الماضية تقدما مضطرداً، يجعل الإبقاء على السودان في البند الرابع أمراً مجحفاً.
ونوه المتحدث باسم الخارجية، السفير “علي الصادق” في بيان له، إلى أﻥ السودان ﺳﻴﻮﺍﺻﻞ جهوده في تحسين وتوطيد حقوق الإنسان، حتى يخرج تماماً من بند الوصاية.
ﻭأﺛﻨﻰ السودان ﻋﻠﻰ رئيس وأعضاء الوفد السوداني إلى اجتماعات لجنة حقوق الإنسان في “جنيف”، على الجهد الذي بذلوه خلال الفترة الماضية.
ﻭﺷﻜﺮ المجموعتين الأفريقية والعربية، ومجموعة الـ(77) والصين ومنظومة دول عدم الانحياز (لوقوفها الصلب مع السودان في مواجهة المحاولات الغربية لإعادته للبند الرابع).
ترحيب خارجي
خارجياً، رحبت إثيوبيا نيابة عن المجموعة الأفريقية بتمديد ولاية الخبير المستقل لمدة سنة.
وقالت إيطاليا، في التعليق العام، نيابة عن الاتحاد الأوروبي، إن القرار كان خطوة في الاتجاه الصحيح، وأنه اتبع نهجاً أكثر توازناً. ورحبت باستعداد السودان لمناقشة التحديات في مجال حقوق الإنسان، كما رحبت بتجديد وتعزيز ولاية الخبير المستقل.
من جانبها، قالت الولايات المتحدة الأمريكية، إن سجل حقوق الإنسان في السودان ظل على الدوام مسألة في غاية الأهمية، وحثت السودان على مواصلة العمل مع الاتحاد الأفريقي للوصول لحل سياسي.
وأبدت الولايات المتحدة، بالغ قلقها بشأن ما أسمته القصف الجوي في ولاية النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور وانتهاكات حقوق الإنسان، بجانب القيود المفروضة على إيصال المساعدات الإنسانية إلى السكان المحتاجين في مناطق النزاعات.
ودعت السودان إلى زيادة تعاونه مع صاحب الولاية الجديد، بما في ذلك منحه حق الوصول الكامل، لا سيما في المناطق التي زعمت أنه وقعت فيها انتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
وأشارت الولايات المتحدة الأمريكية، إلى أنه إذا لم تتحسن أوضاع حقوق الإنسان في السودان فعلى مجلس حقوق الإنسان اتخاذ الإجراءات المناسبة.
وفي الفترة من 1993م وحتى أكتوبر 2005م تناوب على مراقبة حقوق الإنسان خمسة مقررين هم الهنغاري “كاسبار بيرو” أول مقرر لحقوق الإنسان في السودان، وعين عام 1993م، وأعقبه الأرجنتيني “ليونارد فرانكو” الذي بقي في المهمة لمدة عامين.. ثم الغاني “أكويل أدو” في الفترة من 2004م، وحتى 2005م، لتأتي الأفغانية “سيما سمر” كآخر مقرر خاص انتهت ولايتها في عام 2009م، وحينها تحسنت صورة السودان خارجياً، بفضل اتفاقية السلام ليبقى السودان تحت الإجراءات الخاصة، ولكن بتعيين خبير مستقل مهمته تقديم المساعدات الفنية لتطوير حالة حقوق الإنسان. وعين التنزاني المسلم “محمد عثمان تشاندي” في عام 2009م، ولكنه ما لبث أن تقدم باستقالته في مارس 2012م، ليعين الخبير الأخير “مشهود بدرين” .
وقالت مندوبة السودان الدائم في مجلس حقوق الإنسان بجنيف السفيرة “رحمة صالح العبيد” – في تصريح لفضائية (الشروق)، إن نجاح مهمة الخبير المستقل تحت (البند العاشر)، المعني بالمساعدات الفنية وبناء القدرات للسودان، فيما يتعلق بحقوق الإنسان، (يتطلب أن يتسم أداؤه بالحياد والموضوعية).
وأكدت “رحمة” أن نجاح الخبير المستقل في مهمته يتوقف على تعاون الدولة المعنية ومدى رغبة الخبير نفسه في التعاون، ومقدرته على استقطاب الدعم الفني المطلوب من المجتمع الدولي للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان، ومدى استعداد المجتمع الدولي لتقديم الدعم للسودان.
تقرير مجلس حقوق الإنسان
ويذكر أن مشروع القرار الذي قدمته الجزائر في الدورة الثلاثين لمجلس حقوق الإنسان باسم المجموعة الأفريقية، أعرب عن بالغ قلقه إزاء ما أسماه الاستخدام المفرط للقوة، بما في ذلك إطلاق النار الذي أودى بحياة متظاهرين في سبتمبر 2013، ودعا حكومة السودان لفتح تحقيق عام ومستقل تحال نتائجه إلى القضاء لضمان العدالة والمساءلة.
وأبدى مجلس حقوق الإنسان قلقه إزاء ما ورد في التقارير بشأن إغلاق بعض المنظمات غير الحكومية، والقيود المفروضة على وسائط الإعلام، والرقابة على المنشورات قبل صدورها وبعده، ومصادرة الصحف، وفرض الحظر على بعض الصحفيين، وانتهاك الحق في حرية التعبير وفي حرية تكوين الجمعيات والتجمع السلمي.
وكشف المجلس عن زيارة المقرر الخاص المعني بالآثار السلبية للتدابير القسرية الانفرادية على التمتع بحقوق الإنسان، للسودان في نوفمبر القادم. ورحب بتعاون الخرطوم مع زيارة المقررة الخاصة المعنية بمسألة العنف ضد المرأة وأسبابه وعواقبه، في مايو الماضي.
وشجع مبادرة الحوار الوطني، التي أطلقها الرئيس “عمر البشير” في يناير 2014 مطالباً جميع أصحاب المصلحة السودانيين بالعمل على تهيئة بيئة مواتية لإجراء حوارٍ شاملٍ وشفافٍ وذي مصداقية.
وأشار إلى التقرير الصادر عن مجلس السلم والأمن الأفريقي، في يونيو 2015 بشأن الحالة في دارفور، والقرار رقم (539) الصادر عن الاتحاد الأفريقي في أغسطس الماضي، الذي طلب فيه إلى السودان تهيئة بيئة ملائمة للحوار الوطني.

المجهر السياسي