جعفر عباس

ارحموا بناتنا


مسكينة المرأة الخليجية، فلا يكاد يمر يوم دون ظهور عدة تقارير تشير إلى أن معظمهن يعانين السمنة أو العنوسة، وأن كذا مائة ألف منهن لا يمانعن في زواج المسيار أو الزواج برجال تجاوزوا السبعين، ولو كانت في منطقة الخليج مؤسسات اجتماعية تتوافر لديها الإمكانات للقيام بمسوحات وإحصاءات دقيقة لما كان في الأمر مشكلة، ولكن من الواضح أن هناك من يختار عينات عشوائية من النساء ويجعل منهن موضوع دراسة أو تقرير ثم يضرب عددهن في ألف أو خمسة آلاف ثم يجعل حكمه عاماً.
والعنوسة مثل «الإرهاب» مفردة مطاطية لا تعريف متفق عليه حولها: فبشار الأسد يعتبر المتمردين على حكم عائلته ارهابيين، والثوار السوريون ومعهم معظم المجتمع الدولي يعتبرون مليشيات الأسد ارهابية، والأمريكان يعتبرون طالبان أفغانستان منظمة ارهابية بينما هي في نظر كثير من الأفغان «حركة وطنية».
والعنوسة سيم سيم مثل الارهاب: متى تستحق الفتاة لقب عانس المحطم للمعنويات؟ بعد الخامسة والثلاثين؟ بعد الخامسة والعشرين؟ بعد الثامنة عشرة؟ في الدول الناطقة بالإنجليزي لا يطلق هذا اللقب spinster (سبينستر) على امرأة ما لم تتجاوز الستين! ذلك أنهم يحسون بأنه مسيء وينطوي على قسوة، و«سبينستر» تعني الشخص الذي يمارس غزل القطن والصوف لصنع بعض المنسوجات يدويا، وكان ذلك الضرب من النشاط يمارس عادة من المتقدمات في السن كوسيلة لكسب الرزق وملء وقت الفراغ بما هو مفيد.
أما في مجتمعاتنا حيث الفتاة «عبء»، ينبغي التخلص منه بالتزويج بأسرع ما يمكن، تصبح الفتاة بائرة وعانساً إذا ما تجاوزت الـ 20 أو على أحسن الفروض الـ 25، وبعد أن تحمل هذا اللقب المحبط يصعب عليها – مهما تحلت بجمال الخلق والخلقة – أن تحصل على زوج.
ومن عجيب ما قرأت مؤخراً أن نسبة الإصابة بالصلع صارت مرتفعة بين النساء السعوديات بسبب ما يعانينه من توتر بسبب تقلبات أسعار الأسهم في البورصات.. شخصياً زرت السعودية أكثر من خمسين مرة ولم أر قمة رأس أي امرأة سعودية لأعرف ما إذا كانت صلعاء أم ذات شعر أجعد وحريري يتدلى وينسكب على الأكتاف.
هل استند الخبر إلى سجلات عيادة أو أكثر للأمراض الجلدية؟ هذا ما حدث غالباً، ولكن هل من ارتدن تلك العيادات «ممثلات» للمرأة السعودية؟ والأهم من كل ذلك كم نسبة النساء السعوديات اللاتي يتعاملن بالأسهم؟ جرياً وراء العادة العربية في استخدام الأرقام عشوائياً استطيع أن أقول أن تلك النسبة لا تزيد على 3%، فمعظم النساء السعوديات لا علاقة لهن بالأسهم ولا التجارة بصفة عامة بل أن المرأة بصفة عامة أكثر تعقلاً وحرصاً من الرجل في مسائل المال ولا تميل إلى المغامرة والمقامرة.
وقد حدثت اختصاصياً في الأمراض الجلدية حول موضوع صلع النساء السعوديات فقال لي أن سقوط الشعر من أجزاء في الرأس ظاهرة معروفة عند النساء وتسمى الثعلبة وأن السبب فيها قد يكون غالباً نفسياً (توتر وقلق وشد عصبي)، وكما نعرف فإنّ ما في النساء يكفيهن توتراً وقلقاً دون دخول سوق الأسهم! وشرح لي أن الثعلبة تظهر وتختفي عند كثير من النساء دون أن يعلمن بحدوثها، مما يعني أن الثعلبة – أي الصلع المؤقت والمحدود جداً – قابل للشفاء حتى من دون زيارة الطبيب، بل وأبلغني صديقي هذا أن مسح موضع الثعلبة بفص من الثوم مراراً، كفيل بجعل الشعر ينمو ويغطي المنطقة التي تعاني التصحر المؤقت. أتركوا المرأة – سعودية كانت أم كمبودية – في حالها، ولا تجعلوها مادة لإحصاءات واستنتاجات عرجاء.

jafabbas19@gmail.com