غياث وقرناص.. “أمر غياظ”
في ذات الوقت الذي كشف أمير غياث شيرينسكي، سفير جمهورية روسيا الاتحادية إلى الخرطوم لمُحاوره من صحيفتنا الزميل محمد عبد الباقي، عن أسباب تأخر تنفيذ مشروع تصدير اللحوم السودانية إلى روسيا، أكد السفير غياث أن انتشار الأمراض المحلية لم يعق تصدير اللحوم إلى روسيا فقط بل إن هناك الكثير من الدول الأوروبية صرفت النظر عن استيراد اللحوم من السودان لهذا السبب، وكشف السفير عن محاولات تجري من أجل التغلب على هذه المعضلة، خاصة وأن أمراض الحيوانات ليست حصراً على السودان، وإن تجاوز هذه العقبة لن يتم إلاّ بإنشاء نقاط للإشراف والمراقبة البيطرية على الحيوانات في مناطق تربيتها.
في ذات الوقت، وقبل أن يلتقط تصريح السفير الروسي، بشأن عجزنا عن إدارة ملف تصدير الثروة الحيوانية أنفاسه، إذا بسفيرة السودان إلى إيطاليا ومندوبته الدائمة لدى المنظمات الدولية (أميرة قرناص) تفوز برئاسة لجنة الأمن الغذائي العالمي بالتزكية. أليس هذا أمرا يثير الحنق والغيظ؟
نعم، لكن ليس لجهة شكوك في قدرات السيدة قرناص الدبلوماسية وكفاءتها المهنية، فهذه أمور لا أعلم عنها الكثير خاصة في ظل سياسات التعيين من أجل التمكين التي انتظمت البلاد وأرهقت العباد وعمت كافة مؤسسات الدولة منذ ربع قرن من الزمان ولا زالت قائمة إلى هذه اللحظة، وبناء على ذلك فإنه لا يمكن حتى لساحر عظيم ومتنبئ ثاقب أن يعرف ما إذا كان هذا الذي يشغل أو تلك التي تشغل ذاك المنصب الرفيع يتوفر/ أو تتوفر على الكفاءة اللازمة لتسنمة والاضطلاع به، أم جاء/ جاءت بها سياسة (التمكين) التي وضعت الخدمة المدنية أسفل سافلين.
بالطبع، لا نريد أن نتحدث عن مدى أهمية اللجنة التي زُكيت إليها قرناص، دون أن تخوض انتخابات حقيقية، لكننا نود أن نشير (للعلم فقط) أُنشئت لجنة الأمن الغذائي العالمي (CFS) عام 1974، باعتبارها هيئة حكومية تضطلع بدور منتدى لاستعراض ومتابعة سياسات الأمن الغذائي، يضم مكتبها التنفيذي ممثلَين من كل من أفريقيا، آسيا، الشرق الأدنى، وأمريكا اللاتينية، ومنطقة الكاريبي، وممثلاً من كل من منطقة جنوب غرب المحيط الهادئ، وشمال أمريكا. أما الرئيس فهو مستقل وتنتخبه الحكومات الأعضاء في منظمة الأغذية والزراعة (فاو)، ويقتصر دور اللجنة على تقديم التقارير والدراسات التي من شأنها توفير المشورة العلمية.
وبهذا التعريف وتلك المهام، فإن حصول السيدة (قرناص) على هذا المنصب لا يُعد نصراً للدبلوماسية السودانية، كما صرح (مصدر دبلوماسي) لصحيفتنا، أمس. لكن هذا لا ينفي أن العمل المثابر من خلال هذه اللجان وترؤسها يمنح البلاد حضوراً ضرورياً في المحافل الدولية، إلاّ أن هذا الحضور ربما يتسبب في مآزق أخرى، كأن يتوجب على السيدة قرناص، إعطاء إجابات عن ماذا فعلت حكومتها من أجل الأمن الغذائي الداخلي؟ وما هي تجربتها وخبرتها التي تريد أن تقدمها إلى العالم في هذا الصدد؟ حينها ستجد نفسها في حرج عظيم، ربما استدعى الخروج منه، النظر جيداً في إفادة السفير غياث