يوسف عبد المنان

غياب قضية!!


{ تابعت مسارات الحوار الوطني لأسبوع.. ولم أجد قضية جبال النوبة حضوراً في أجندة الحوار الوطني، ولا تحضرني صورة لقيادات أحزاب المنطقة ولا رموزها حتى في الحزب الحاكم تم تمثيلها بمن هم بعيدون جداً عن قضية جبال النوبة.. وحده الفريق أول “بكري حسن صالح” النائب الأول للرئيس كان حريصاً على دعوة القيادي البارز في المنطقة وأحد المعارضين في الخارج “أزرق زكريا خريف” لحضور جلسات مؤتمر الحوار.. بل الفريق “بكري” زار “أزرق زكريا” في منزله بأم مبدة بعد عودته من الولايات المتحدة الأمريكية لتلقي العزاء في وفاة والدته رحمة الله عليها .. حوار شفيف جرى بين الفريق “بكري” و”أزرق زكريا” و”الطيب حسن بدوي”، أفضى لاتفاق بمشاركة “زكريا” في جلسات الحوار وطرح رؤيته ثم العودة حيث شاء ومتى شاء وهو مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية كلاجئ سياسي. غاب عن مشهد الحوار الوطني الحزب القومي السوداني الذي تفرق دمه ما بين الموظفين وقدامى المحاربين وبعض من عتاة التنظيم السري (للكمالو) الذي أصبح علناً هو الحركة الشعبية.. ولم يضف قادة الحركة الشعبية جناح السلام لقضية المنطقة إلا مزيداً من النسيان، فالفريق “دانيال كودي” وجد نفسه وحيداً يقاتل وانشغلت د. “تابيتا بطرس” بغير قضية المنطقة.. وحينما كانت دعوات الحكومة تطرق أبواب القوى المعارضة (طارت) (الطيارات) إلى “القاهرة” من أجل إقناع “الصادق المهدي” بالعودة والمشاركة في الحوار.. و(طارت) (الطائرات) إلى العاصمة التشادية “انجمينا” بحثاً عن “جبريل إبراهيم” و”مني أركو مناوي” و”عبد الواحد محمد نور”.. وطارت طائرة “إدريس دبي” إلى “باريس” لإقناع متمردي دارفور بالمشاركة وعادت الطائرة بمن هم أقل (وزناً) من الثلاثي الدارفوري.. ولكن هل (طارت) ورقة نحو متمردي جبال النوبة ودعوتهم للمشاركة في الحوار الوطني؟؟ لماذا هل الحرب التي لا يشعر بها أحد؟؟ أم أن هناك قناعة بأن الحل لقضية جبال النوبة من خلال الحوار (مستحيل)!!
السؤال ما هو الدور الذي ينبغي أن يعلبه أبناء جبال النوبة في المؤتمر الوطني بإقناع القيادة السياسية في الحزب والقيادة التنفيذية في الدولة، بأن الحرب التي تدور هناك تستحق الالتفاتة؟؟ وأن الموت الذي يحصد الأرواح عشية وصباحاً ينخر في ذات الوقت عميقاً جداً في جسد الوطن الواحد .. ويزرع حبوب اليأس في النفوس.. ولا تكفي جهود الفريق “بكري حسن صالح” وإحساس الوزير “فضل عبد الله” بمأساة المنطقة وضرورة مسح دموعها التي بللت خدودها .. ومليارات الجنيهات التي دفعها الفريق “بكري” لصندوق الاعمار بددت في شراء الجركانات الفارغة.. وشراء جوال الذرة من الخرطوم بمبلغ (250) جنيهاً بينما جوال الذرة في المناطق التي ذهب إليها بمبلغ (180) جنيهاً .. لكن المشترين هم المستفيدون لتتطاول العمارات.. ويتفشى الفقر، هؤلاء خارت قواهم عند عقد ندوة واحدة في أي مكان لحث الناس على مقاومة التمرد أو حتى مهادنته!! ولا تحدثهم أنفسهم بالمشاركة السياسية في الحوار الوطني وأكبر كتلة معارضة من أبناء جبال النوبة بيننا هنا في الخرطوم، ولن يجرؤ أحد الحديث معهم أو حتى زيارة الأطراف المحزونة، ولولا جهود مخلصة للقيادي الشاب “جبر الدار التوم” لما ضحى أبناء جبال النوبة من النازحين والفارين من جحيم الحرب وتذوقوا للعيد طعماً !!
إذا كان الحوار الوطني قد جاء بيوسف الكودة من سويسرا فكيف يعجز من المجئ بيوسف عبد الله جبريل من أم بدة؟؟ وإذا كان الحوار الوطني قد مهد العودة لمحمد بحر حمدين من حركة العدل والمساواة فكيف يتقاعس القائمون على أمره من دعوة “محمد المريود علي” القيادي في الحركة الشعبية.. بل كيف ذهب محمد المريود للحركة الشعبية من منصب الأمين العام لحكومة ولاية الخرطوم ليصبح وزيراً في الحركة الشعبية أيام الشراكة، ولا يخوض الحرب الآن ولم يتورط في القتل.. وهو بيننا في أطراف الخرطوم ولكن من (يتفقد) قضية جبال النوبة ويسعى لإشراك أهلها كلها ضمن قضايا السودان العديدة التي تبحث في أضابير الحوار الوطني.