ما دخل الرجولة بالحوار يا رجل
لم أكد أفرغ بالأمس من مطالعة ما كتبه الزميل (الكوز الفاهم شديد)، بحسب وصف البعض له، خالد التيجاني، حول التصريحات الشاطحة التي فشت (موضتها) في أوساط من يتولون مناصب عامة، إذا بنظري يقع على صحيفة أخرى حمل أحد خطوطها الرئيسة عنواناً يُقرأ (رزق.. الحوار مع الحركات خصماً على الرجولة)، وهذا بلا شك تصريح شاطح ولكن صاحبه لا يدخل ضمن قائمة من عناهم الزميل خالد، ولهذا رأيت أن أستدرك على ما كتبه الزميل واستكمل ما بدأه بإضافة آخرين من ذوي التصريحات الفالتة والكلام (الدراب) من غير أصحاب المناصب الرسمية، ومن أبرز هؤلاء الشاطحين والناطحين بعض أئمة المساجد وخطباء المنابر الدينية، ومنهم الشيخ كمال رزق خطيب مسجد الخرطوم الكبير صاحب التصريح المشاتر المذكور، فقد دأب هذا الشيخ وآخرون على شاكلته (مع كامل احترامنا لهم)، يفتون ويصرحون ويصرخون في أي شيء وكل أمر حتى ولو كان حظهم فيه كمثل حظهم في الفيزياء النووية، أو حتى لا يغضبوا مثل حظي أنا في فقه النكاح، يسوط الواحد منهم ويهرج ويخرمج في أعقد القضايا الاقتصادية، ولو سألته ما هي المنفعة الحدية لوقف وقفة حمار الشيخ في العقبة لحار جواباً، وعلى ذلك قس ما يصرحون به في مسائل وقضايا لا ناقة لهم فيها ولا جمل، ورغم ذلك يجادلون فيها بلا علم ولا هدى ولا كتاب منير…
لا نحتاج لدحض هذا التصريح الفطير الذي يدحض نفسه بنفسه، غير أن نقول لشيخ كمال، بل الرجولة كل الرجولة في قبول الآخر ومحاورة الأغيار ومفاوضة الأعداء وإحقاق الحق ورفع الظلم وإقرار العدالة ولو على نفسك، أما رجالة (كجة العين وطالعني الخلا) بالمعنى الذي يعنيه مولانا فلم يضيع البلد شيئاً مثلها والحماقة وركوب الراس، وقد ظللنا ندفع ثمن هذه الرجالة منذ استلام هذا النظام السلطة بـ(الرجالة) عبر الانقلاب إياه، وظللنا عبر هذه الحقبة الممتدة لأكثر من ربع قرن نسمع من أقوال الرجالة المرتجلة أطنان طنانة منها، ولكن للأسف لم تفدنا هذه الرجالة المشهودة بل العكس، فقد جلبت علينا الكثير من المصائب والمحن، وتلك كانت المحصلة المؤسفة لرجالة السياسيين، فما حاجتنا والحال هذا برجالة أخرى من رجال الدين، ويا مولانا لو أنك استذكرت حديث (كل ميسر لما خلق له) ولزمت، لفتح لك ولوقيت نفسك من الوقوع في الزلل، ولأفدت بعلمك النافع الذي جودته وأجدته…