سعد الدين إبراهيم

خضوع الفرسان

[JUSTIFY]
خضوع الفرسان

نحن لا نحفل بتنمية القدرة على القيادة في أبنائنا.. بل على العكس تماماً درج بعض الآباء والأمهات على تثبيط همة الولد أو البنت إن أبدت روحاً قيادية غالباً ما زجروها أو زجروه «أوعك تتسدر الأمور» .. «إنت ما عندك دخل بالناس».

الغريب أنه حتى الآباء والأمهات الذين واللائي مارسوا أو مارسن قيادة ما, مدنية كانت أم رسمية ظلوا لا يشجعون أولادهم على المبادرة في التصدي للقضايا.

وبسبب النفور من القيادة كانت «الإلفة» حسبما صوره الصديق الشفيف محيي الدين الفاتح.. هو ذلك الضخم البنية.. القابل للارتشاء.. الذي يفرح بالرشوة.. والذي يستغل مركزه القيادي أيما استغلال ذلك لأن الأخيار يحجمون – لذلك تفرز الظروف قيادات بالصدفة أو انتهازية- أو غير متمرسة أو غير مهيأة أساساً للقيادة.

ظلت في مخيلتي صورة قائد.. أول قائد مختلف صادفته فى حياتي.. ذلكم ناظر مدرستنا الأولية «بيت الأمانة» هو «الشيخ شعيب» انتبهت إلى قيادته لأني لاحظت أن الطلبة لا يهابونه ويرفعون الكلفة معه وهم صريحون معه أكثر من صراحتهم مع أولياء أمورهم.. بينما المدرسون يخافونه يرتجفون أمامه.. يعملون له ألف حساب.. فيما بعد عرفت أن سر إعجابي بالرجل أنه كان يحنو على رعيته بينما يقسو على الرعاة معه.. لذلك كانت المدرسة حلوة.. ولكن إذا كان المدرس صاحب موهبة احتفى به الناظر وسمح له أن يكون مثلنا يحظى بالحنو والرعاية… أذكر من أولئك المعلم الموهوب «عربي الصلحي» وكان ملحناً.. يحمل عوده وهو يمتطي عجلته مرات.. ويلحن لنا القصائد بالعود.. وعندما يتجلى يغني لنا.. هو ملحن أغنية «مرت الأيام» التي يغنيها عبدالدافع عثمان.. وقد صاغ كلماتها الشاعر «مبارك المغربي».. كان «عربي الصلحي» مهاباً أيضاً.. فلم يكن بسبب أنه يغني لنا ويعزف أن يتهاون معنا.. أقول ذلك لأثبت حسن ظن «الناظر» في المدرسين والذي يصدق غالباً..

وبسبب العزوف عن تنمية مهارات القيادة تجيء عبارات مثل «ريسو وتيسو» وهي تنبيء عن إمكانية صنع قائد تمرر الأجندة عبره وبسبب ذلك جاءت عبارة «ريسين غرقوا المركب».. التي تشير فقط إلى «اتخاذ القرار» الذي على كل حال لابد أن يتخذ عن مركز ما.. ذلكم المركز يكون «الريس» لذلك لابد أن يحيط القائد نفسه بمستشارين يرجع إليهم.. وهم كل في مجاله ريس.. وربما يكون هو المحرك لاتخاذ القرار فلا تغرق المركب بأكثر من ريس.

ثم أصبح للقيادة بريق بانتشار الإعلام وتصدر صور القادة النشرات والبرامج وفي الصحف.. فأصبح الناس يسعون للقيادة ولكن دون تدريب وبلا مهارة.. فمن منا لا يتمنى بأن يكون بصورة أو بأخرى قائد الأسطول.
[/JUSTIFY]

الصباح..رباح – آخر لحظة
[EMAIL]akhirlahzasd@yahoo.com[/EMAIL]