ضياء الدين بلال

(الجمارك) وقصة الفساد!


بِغَضِّ النظر عن صحة المعلومات المتداولة عبر وسائط التواصل الاجتماعي، وما حدث بشرطة الجمارك داخل مكتب المدير السابق؛ وبغض النظر عن صحة الرقم المالي موضع التجاوزات المذكورة، زاد أو نقص؛ لم يعد يجدي تجاهل ما يُثار بمنطق سد الأذنَيْن بالطين والعجين، ووضع الرأس تحت وسادة التجاهل!
مثل هذه المعلومات الخطيرة، من الخطأ التعامل معها عبر المصادر المجهولة، التي تريد أن تقول القليل وتخفي الكثير، أو أن تُعزِّز الأقاويل والشائعات دون أن تتحمَّل مسؤولية ذلك.
على الجهات المختصَّة، أن تضع النقاط على الحروف، والمِلْح على الجراح، ماذا حدث وما الذي يجري الآن؟!
الشائعات تتمدَّدُ في مساحات الصمت، والأرقام تتضخَّم في غياب المعلومات، ووصمة الإدانة الإعلامية لا تقل عن الإدانة الجنائية.
إما أن تتحدث الشرطة ووزارة العدل، أو على اللواء سيف أن يخرج للعلن ليقول ما لديه.
الصمت مُضرٌّ بالطرفين، يُظهر الحكومة راغبةً في ممارسة فقه السترة، ويُظهر اللواء سيف عاجزاً عن الدفاع عن نفسه!
(شائعة) مصطفى عثمان!
لا أعرف سبباً منطقياً، يجعل وزارة الخارجية تصمت طوال هذا الوقت، عن خبر نُشِرَ في عدد من الصحف، ضمن المانشيتات الرئيسية، يفيد أن الاختيار قد وقع على الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل، ليشغل منصب سفير السودان بالمملكة العربية السعودية!
لم يقتصر الأمر على ذلك. كتب عدد من الكتاب الصحفيين مُعلِّقين على القرار، ولم تنطق الخارجية بكلمة!
حينما سُئِلَ دكتور مصطفى عن الخبر، ردَّ الأمر للخارجية، وقال لسائله من الصحفيين في مؤتمر الحوار: (اسألوا الخارجية).
بالأمس في صحيفة (اليوم التالي)، وصف بروف غندور خبر تعيين مصطفى عثمان بأنه (شائعة)!
مع انتشار الخبر، وخروجه من الشبكة الإسفيريَّة وصعوده لمانشيتات الصحف، كان بإمكان الخارجية أن تُصدر تعليقاً مقتضباً، تقول فيه إن ما ذُكِرَ غير صحيح أو أن قراراً بذلك لم يُتَّخذ!
التأخير في النفي يُعطي انطباعاً بأن أمراً ما أعاق إصدار القرار!
على كل حال؛ إذا كان الخبر من منشئه صحيحاً أو أنه محض شائعة، لم يكن موفَّقاً اختيار دكتور مصطفى لهذا المنصب، لأسباب لا تغيب عن فطنة أيِّ مواطن بسيط!
تصريحات بوليسية!
مسؤول رقابة المستشفيات الخاصة بوزارة الصحة بولاية الخرطوم، أَكْثَرَ من التصريحات البوليسية المُثيرة؛ ففي مرَّة يتحدث عن تهديده بالقتل، وفي أخرى عن تقديم رشوة له، يفعل ذلك في أكثر من صحيفة!
لا أظن أن الصحف هي المكان المناسب لإطلاق هذه الاتهامات ذات الطبيعة الجنائية. على مسؤول الرقابة، أن يقوم بواجبه، ويترك الشرطة تقوم بعملها، والقضاء يقول كلمته!
الإكثار من هذه التصريحات مظنة توقعات عدَّة، أغلبها ليست في مصلحة مسؤول الرقابة!
رشا زعلانة!
وهي تكفر أخيراً بالسلاح كوسيلة للتغيير، وتُؤمن بالعمل السلمي والمدني، وتنتقد بعنف الحركات المسلحة، بأنها تتسبب في معاناة أهلها في مقابل المناصب والمكاسب؛ أرغت رشا عوض الناشطة السياسية المُقيمة بالقاهرة وأزبدت، حينما رحَّبْنا بها في نادي الموضوعية والعقلانية، بعيداً عن العنتريَّات الذُّبابية والمزاعم الواهمة.
قالت إن تعليقنا ذلك (شوَّش) على موقفها الجديد!
إذاً، رشا عوض، تُريد أن تُحدث ذلك الانتقال بهدوء، وغسل يديها من حبر مناصرة العمل المسلح، من (أجراس الحرية إلى ربيع القاهرة)، بماء دافئ تحت ضوء خافت، وتجلس في شقتها بالقاهرة، في انتظار ثورة التغيير في الخرطوم!
لذا لم تحتمل رشا أشعة الضوء التي سلَّطناها على مقالها، الذي أرادته على مستوى منخفض من الجهر، وأردناه واضحاً وبائناً وصادعاً بالحق، حتى لا ترتد عنه أو تتنكر له تحت الضغط أو عند الحاجة!
كتبت لها:
الأخت رشا، موقفك من الحكومة مشهور ومعروف بلسان الحال والمقال. الجديد هو موقفك من الحركات المسلحة، أو بالأصح من خيار العمل المسلح. كنتِ في السابق تبرِّرين حمل السلاح باعتباره ردَّ فعل، وكنا نتناقش على صفحتي بالفيس حول ذلك.
الآن وصلتِ إلى ما كنتُ أدعوك إليه، وهو النظر من كل الزوايا. أعرف تماماً أن موقفك الأخير ليس مترتباً على تلك النقاشات – ولم أدَّعِ ذلك – ولكنها التجربة العملية منذ عملك محررة بصحيفة (أجراس الحرية)، التابعة للحركة الشعبية إلى صحيفة (التغيير) التي ترأسين تحريرها من مقر إقامتك بالقاهرة!
لم أُغيِّر ولا كلمة في مقالك، لكنَّني ركزت على ما هو جديد فيه، ومن الطبيعي ألا أكرِّر ما هو معروف من محفوظات!