ضياء الدين بلال

فك الحظر!


-1-
صديقي العزيز الدكتور أبوبكر عبد الحميد، وجدتُ رقمه على الموبايل صباح أمس، اتصل عدة مرات، كنت وقتها بين اليقظة والأحلام وبعض من الكوابيس.
كثيرون لا يعلمون أن يومنا يمضي على المقلوب؛ نعمل ليلاً وننام إلى منتصف النهار.
حبيبنا بكري وضع على بريد الواتساب صباح أمس هذه الرسالة:
(صَحِّي النوم يا ضياء أنا الآن في إدارة قوائم الحظر بوزارة الداخلية؛ مافِي حَظر اتفَكَّ ولا حاجة ولا يوجد أي خطاب بهذا المعنى، ما تساعدوا في غشّ الناس ساي)!
(حرقتني غشّ الناس دي).
-2-
تحدّثت مع دكتور بكري، أخبرني أنه ذهب إلى هناك لفكّ الحظر عن اسمه فوجد القوائم على حالها: خمسة آلاف طبيب ممنوعون من السفر!
كنتُ ذكرت في عمود السبت الماضي:
أنني التقيت صدفةً في أحد مساجد الخرطوم بوزير الصحة بحر أبو قردة، وسألت الوزير عن قرار حظر 5 آلاف طبيب من السفر.. كانت الإجابة أن القرار تم رفعه قبل 3 أيام عقب اجتماع تم بينه ووزير الداخلية!
في ذات عدد السبت، كان خبر فك الحظر عن الأطباء بالمطار منسوباً لوزير الصحة بحر أبو قردة ضمن الخطوط الرئيسية بـ(السوداني).
كنت قد تلقّيتُ اتصالاً كريماً من سعادة الفريق السر أحمد عمر، شرح لي فيه وجهة نظر وزارة الداخلية في القرار وطريقة تنفيذه.
-3-
هممت بعد مكالمة دكتور بكري بكتابة عمود في نقد الوزارتين (الصحة والداخلية) لكن تريّثت قليلاً. كان خياري الاتصال بالفريق السر للاستفسار، وهو رجل تجمعنا به علاقة طيبة، قبل أن أمضي بعيداً في الحديث سارداً شهادة صديقنا دكتور بكري. أخبرني الفريق السر أن قرار رفع الحظر قد صدر اليوم – أي أمس – ورغم صدور القرار وتطمينات سعادة الفريق لا يزال قلق يساورني من قيام جهةٍ ما بالالتفاف على القرار. في مرات كثيرة ما يُمنح إجمالاً يُسحب عبر التفاصيل، وما يُقال في العموم تهزمه التفسيرات!
-4-
لا أحد منصف يقبل أن يهاجر الأطباء الذين تم تأهيلهم لدرجة الدكتوراه على حساب وزارة الصحة إلى الخارج قبل أن يستوفوا ما عليهم من واجبات في نصوص الاتفاق بينهم والوزارة!
في مقابل ذلك لا يليق بوزارة محترمة مثل وزارة الصحة أن تتعامل مع الأطباء بطريقة فيها كثير من التعسف والاستغلال والارتباك.
وزارة الصحة ظلت مرتبكة ومضطربة في التعامل مع الملف، في فترة قَبِلَت بالتسويات المالية مقابل منح خلو الطرف.
تصاعد مبلغ التسوية من 12 إلى 24 إلى 36 ألف جنيه، ثم كانت آخر تسوية أن يدفع الطبيب 60 ألف جنيه للوزارة و12 لمجلس التخصصات الطبية!
ودون سابق إنذار أو تمهيد قررت الوزارة توقيف التسويات المتصاعدة مع سعر الدولار، وقالت إن (على الأطباء العمل في الولايات وبس، ما دايرين منهم قرش)!
-5-
حتى الذين قبلوا بالعمل في الولايات لم تكن الوزارة مستعدة لاستيعابهم وصرف مرتباتهم، فقررت الإبقاء عليهم بالقوة الجبرية!
بمثل تلك الإجراءات التعسفية وضعت وزارة الصحة آلاف الأعداء (الأطباء وأسرهم) في مواجهة مع الحكومة، وجعلت المرضى تحت رحمة أطباء حانقين وغاضبين ولديهم شعور بالغبن!
وابن عمر يروي عن الرسول الكريم ” دَخَلَتْ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ، رَبَطَتْهَا، فَلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا، وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ هَزْلًا “.