دعوة التطبيع “شتارة” وليست شطارة
صحيح أن موقعنا الجغرافي في الخارطة العربية هو موقع طرفي، لكن في ترتيب وتصنيف المواقف العربية من قضية فلسطين تاريخياً فإن موقع الشعب السوداني في الميدان العربي هو موقع الظهير القوي الذي ينافس بتاريخه وإحساسه بتلك القضية بعض شعوب موقع القلب والوسط العربي.
بعض المثقفين السودانيين من المتفلسفين والمترفعين على إحساس ومواقف الشعب السوداني ومن الذين يصفقون بأيادٍ متواربة تحت الطاولة لتلك الدعوة (الشتراء) التي دفع بها بعض نكرات الساحة السياسية من أصحاب اللافكر واللاموقف واللاموضوع دعوتهم للتطبيع مع دولة إسرائيل، يجب أن يعرف هؤلاء أنه لو كانت هناك عاصمة وحيدة لن يأمن فيها مسؤول إسرائيلي على حياته مهما كانت حصانته الدبلوماسية وأسوار حصنه ومقره فهذه العاصمة العربية هي الخرطوم.
الدعوة شتراء لأنها ليست فقط لا تمثل مطلباً من مطالب الشارع السوداني بل قد يحترق اسم صاحبها جماهيرياً وشعبياً بمجرد تبنيه مثل هذا التوجه .
كما أنها دعوة لا مبرر لها إطلاقاً فالاعتقاد بأن العلاقات مع إسرائيل هي شرط من شروط العبور للمستقبل وحجز موقع للسودان في خارطة الدول المنطلقة والناجحة هو اعتقاد خاطئ تماماً، فقائمة الدول التي تحتفظ بمواقف رسمية مشابهة لموقف السودان تضم الكثير جداً من الدول الناجحة والمتفوقة التي لا تعيش عزلة عن العالم ولا هم يحزنون ..
دولة مثل ماليزيا لا تقبل حتى الآن بدخول حاملي جوازات سفر إسرائيلية إلى أراضيها وبالتالي هي غير مطبعة مع إسرائيل فهل تعتقدون أنها دولة معزولة عن العالم؟ ..
هل السعودية ودول الخليج العربي هي دول معزولة عن العالم أو دول غير ناجحة؟ وجميع دول الخليج الآن غير مطبعة مع إسرائيل بعد أن كانت هناك بعض الحالات الخليجية في وقت سابق بدأت بمشروعات تطبيع تجاري مثل قطر لكنها عادت للمقاطعة الكاملة وتخلت عن تلك المشروعات دون أن يؤثر هذا الموقف في علاقاتها الدولية .
خذ دولة مثل باكستان لا تقبل جوازات سفر إسرائيلية بل إن جوازات السفر الباكستانية غير صالحة للسفر إلى إسرائيل، هل خسرت علاقاتها الخارجية برفضها إقامة علاقات مع إسرائيل؟، هل خسرت الجزائر علاقاتها مع العالم بسبب موقفها من إسرائيل؟..
اشتراط الاعتراف بإسرائيل لنجاح الدولة السودانية وعلاقاتها الخارجية، فرية كبيرة ووهم كبير، فعدم وجود علاقات مع إسرائيل ليس عائقاً أمام علاقات السودان الخارجية لكن عملاء إسرائيل في دولنا أعدادهم أكثر من أعداد النمل.. يريدون أن يمحو بإستيكة العمالة الرخيصة تاريخا ناصعا للخرطوم عاصمة اللاءات الثلاثة في القمة العربية التي عقدت بالسودان عام 1967 على خلفية هزيمة النكسة وخرجت القمة بإصرار على التمسك بالثوابت من خلال لاءات ثلاثة: لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع العدو الصهيوني قبل أن يعود الحق لأصحابه .
لماذا يريد هؤلاء النكرات طمس أنصع صفحات تاريخنا بتلك الخِرقة المتسخة؟ .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.