مصطفى أبو العزائم

يا بلدي يا حبوب..


ولأن يوم الأمس عطلة رسمية للعاملين في دواوين الحكومة، وبعض مؤسسات وشركات القطاع الخاص، وتلاميذ وتلميذات وطلاب وطالبات المدارس والجامعات، فقد توقعت أن يكون الحضور إلى مقر الأمانة العامة للحوار الوطني بقاعة الصداقة، بالزي الوطني، أي (العمة والجلابية) والتي زاد عليها البعض (الصديري)، حيث أصبح هذا الزي هو أبرز أزياء أيام العطلات في كل أنحاء السودان رغم وجود أزياء محلية كثيرة ومتنوعة في تلك المناطق، إلا أن من يتزيأ بها لا يتمتع أو يستمتع بـ(فضفضة) الجلباب، وحرية حركة الجسم داخل هذا الثوب الواسع المريح وغير المحدد لعورة إلا بريح.
توكلت على الحي الذي لا يموت، وخرجت من مكاتب الصحيفة ميمماً قاعة الصداقة بالخرطوم للمشاركة في الاجتماع الذي دعانا له البروفيسور هاشم علي سالم، رئيس الأمانة العامة للحوار الوطني في إطار لقاء رؤساء لجان مؤتمر الحوار الوطني مع رؤساء تحرير الصحف وقادة الأجهزة الإعلامية.. وقد تعززت الدعوة بخطاب آخر من مكتب وزير الدعوة بالإعلام الأستاذ ياسر يوسف بصفته رئيساً لللجنة التنفيذية لإعلام الحوار الوطني، مع الإشارة إلى أن الذي سيدير اللقاء هو أستاذ الأجيال الدكتور دقش.
قلة قليلة من الزملاء التزمت بأن تكون في الموعد المحدد بالثانية ظهراً، مما أدى إلى تأجيل بداية اللقاء إلى الثانية والربع.. ومع ذلك كان اللقاء ثراً غنياً.. شفافاً، تحدث فيه الجميع بكل وضوح، وفي مقدمتهم الدكتور أحمد بلال عثمان، الذي أثبت أنه سياسي من الطراز الأول، يعرف كيف يطرح قضيته ويجيد الدفاع عما يؤمن به، وهذه سمة اتسم بها منذ بدايات حياته السياسية – فيما يبدو – وقد تعرفت عليه في بداية تسعينيات القرن الماضي بليبيا عندما كان من ألد خصوم الإنقاذ وأشدهم عداءً لها، وكان من دعاة الانعتاق من هيمنة الحزب الواحد، وإفساح المجال أمام الآخرين ليتحلموا جزءاً من مسؤوليات الحكم في البلاد.
إيمان الدكتور أحمد بلال بالحوار بدأ منذ أن دخل في حوارات طويلة مع النظام، هو وقيادات حزبه، فكانت النتيجة أن جاءوا للالتحاق بقطار الحكم لتدخل بهم الإنقاذ مرحلة جديدة من مراحلها السياسية، ولتبدأ سلسلة الحوارات التي أفضت إلى ماهي عليه الآن، داعية الجميع لتحمل مسؤولياتهم في الحكم وإدارة البلاد، لا اقتسام (الكيكة).
في لقاء الأمس تحدث زملاء وزميلات معلقين ومعقبين على أحاديث وكلمات السادة البروفيسور هاشم علي سالم، وأمناء لجان الحريات، والعلاقات الخارجية، وقضايا الحكم، والاقتصاد، وهم: مولانا عبيد حاج علي، والسفير عمر بريدو، والبروفيسور بركات موسى الحواتي، والدكتور أونور.. وكانت كل المداخلات مفيدة إلى حد بعيد، وبعضها يلامس بعض مواطن الخلل أو القصور، لكن أهم ما خرج به اجتماع الأمس هو (الإذن المفتوح) للصحافة والإعلام بحضور جلسات وأعمال اللجان الست دون قيد أو شرط، سوى النقل الأمين.. والأهم أيضاً إشراك المواطن السوداني ليكون شاهداً على ما يدور في القاعات بالنقل المباشر من خلال قناة تلفزيون تخصص لهذا النقل، وهذا العمل الكبير.