القطار .. حكايات الشوق والحنين
سنوات طويلة منذ أن دخل فيها القطار إلى السودان، وحتى يومنا هذا ظل محافظاً على مكانته ورمزيته عند الكثيرين، كما ظل يتبوأ ذات المكانة التي احتلها منذ مقدمه وحتى اليوم في الأغنية السودانية، فهو ما بين شاكٍ أخذ القطار عزيز عليه وارتحل، وبين ملتاع حرقة جمر الشوق في انتظار المحبوب الذي هو على متن القطار.. والأغنيات التي تصور تلك الحالات كثيرة بدءاًً من قطار الشوق متين ترحل، وحتى أغنيات الجيل «القطار دوّر حديدو»، فهو ليس وسيلة نقل ولكنه جزء لا يتجزأ من ثقافتنا.
في هذا الجانب إلتقينا بسائق القطار أو كما يسمى بـ «العطشجي» ياسين بابكر ليحدثنا عن حكاية سودانية اسمها «القطر».
ابتدر «سواق القطر» حديثه لـ «آخر لحظة» قائلاً: كنت أحلم منذ صغري أن أصبح سائقاً للقطار، كنت أشاهد والدي وأنا طفل صغير وهو يقود القطار، فكبرت الأماني في داخلي مع سنوات عمري فالتحقت بمدرسة الفنيين بمدينة عطبرة وتعرفت على أجزاء «البابور» والماكينة الرئيسية وماكينة الهواء والمولد، وتدرجت من تلميذ «سواق» إلى أن وصلت مدرسة «السواقين»، ثم أصبحت مساعد سواق ومضيت بها قرابة الست سنوات، ثم «سواق مناورة» وهي قيادة القطار داخل المحطة فقط، وأخيراً «سواق قطر».
يواصل «سواق القطر» يس: أول رحلة رسمية لي وأنا أقود قطاراً كانت إلى مدينة كوستي وهي رحلة لن أنساها.
قلنا له: هل ما زال القطار يكتسب أهميته القديمة؟.. فأجاب: القطارات في السابق كانت كثيرة ورحلاتها منظمة ومنتظمة، والآن لم يعد القطار كما في السابق وأصبحت أعداده العاملة في السكة حديد قليلة، ولم يعد يكتسب أهمية «زمان» بعد ظهور البصات السفرية.
وعن المواصفات التي يجب توفرها في سائق القطار، قال: يتطلب من سائق القطار اليقظة التامة أثناء القيادة والصبر وقوة التحمل، وأضاف أن معظم حوادث القطارات تنتج من عدم تأهيل العربات التي تجرها القاطرة.
لم ننسَ أن نسأله عن صافرة القطار، فقال إن صوت الصافرة قد يتجاوز أكثر من كيلو متر.
واختتم الأسطى ياسين حديثه بقوله إنه يتمنى أن تعود الحياة للقطارات في السودان وتعود معها أيام زمان، لأن القطار مهم جداً في عملية التنمية بالبلاد بنقله للبضائع وربطه للولايات بعضها ببعض.
محمد أيوب
صحيفة آخر لحظة