يوسف عبد المنان

سفر داعش


{ ضاقت ساحة منزل اللواء “عبد الله صافي النور” بحشد كبير من المهتمين بظاهرة (داعش) التي تنامت بصورة مفاجئة في “العراق” و”سوريا”، وأصبحت البديل لحزب البعث العربي الاشتراكي المنتهي دوره بمقتل “صدام” وسقوط “بغداد” وتمرد “سوريا” على “الأسد”.. مشارب متعددة وتيارات فكرية وثقافية كثيرة هرعت من غير ميعاد لمنزل اللواء “صافي النور” الذي يحتضن صالوناً أسبوعياً بات يشكل نافذة هواء رطب يفوح في زمن الجدب والقحط والذبول.. و”صافي النور” يفتح صالونه الأسبوعي لكل أطياف الفكر والسياسة ولا تقيده مواقعه التنظيمية في منظومة الحزب الحاكم، لذلك يتداعى لصالونه “صالح محمود” الشيوعي، و”محمد عيسى عليوة” الأنصاري، و”السماني الوسيلة” الاتحادي، و”محمد أبوزيد” السلفي، وفيلوثاوس النصراني، والجنرالات المتقاعدون من الخدمة العسكرية في الجيش والشرطة والأمن، وسفراء كان لهم بريق وأصبحوا خبرات.. حشود (السبت) التي جعلت كل مقاعد البيت في فنائه الخارجي مبعثها (موضوع) الحلقة كتاب السفير “عبد الله الأزرق” (داعش) إدارة التوحش الصادر الأسبوعين الماضيين ليجد هوى عند الناس وانشغالات الرأي العام في الداخل والخارج (بداعش) ومستقبلها في المنطقة.. ولماذا يهرع للانضمام إليها الصفوة من الشباب من الغرب والشرق والعالم الإسلامي الواسع ويقاتلون بشراسة أعداء كثر ويبثون الرعب والخوف في أوصال الأنظمة الطاغية والأنظمة الرؤوفة الرحيمة.. ويزلزلون الأرض تحت أقدام الملوك والسلاطين من أين جاء هؤلاء ؟ وإلى أين يقودون المنطقة؟؟؟ وهل هم مدرسة فكرية واحدة خرجت من عباءة السلفية الجهادية ؟؟.. أم اختلاط مدارس إسلامية عديدة من الأخوان وأفكار “حسن البنا” العملية و”سيد قطب” الداعي للمفاصلة والمدافعة.. وقد أورثه السجن والعنف الذي تعرض له عنفاً كامناً في دعواته.. خلافاً لأستاذه “حسن البنا”!! ومدرسة الحركة الإسلامية الباكستانية التي واجهت عنف الشيوعية في “أفغانستان”.. ومدرسة الإسلاميين في الشمال الأفريقي ذات الأبعاد الفلسفية العميقة وأكبر منبع ارتوت منه الحركات الإسلامية الحديثة في شبه الجزيرة العربية والهلال الخصيب ألا وهي (السلفية).
وقد استفاد “عبد الله الأزرق” من موقعه في الخارجية وتنقله من “واشطنون” إلى “سويسرا” و”بريطانيا” والحصانة التي يتمتع بها وتحميه من الشبهات والملاحقات في لقاء قيادات ورموز الحركات الإسلامية حتى داخل السجون الأمريكية حينما وضعوا في غياهب الحبس في انتظار المحاكمات ومن بين هؤلاء سودانيون فرض واجب الحماية على السفير البحث عنهم.. وقد اعترف الكاتب بفضل منصبه الرفيع الذي أتاح له الأسفار والترحال والاطلاع على خفايا تكوين الجماعات الإسلامية عطفاً على أن السفير “عبد الله الأزرق” من الإسلاميين الذين دفعت بهم الحركة الإسلامية ليصبحوا سفراء (رساليين) يتميزون عن بقية السفراء بخصائص وسمات تختلف عنهم أو هكذا ينبغي أن يكونوا .. ويبرئ السفير “عبد الله الأزرق” حكومة “السودان” وحتى الحركة الإسلامية المنتمي إليها فكرياً وتنظيمياً، من مسؤوليات أخلاقية أو تبعات سياسية وقانونية لما ورد في الكتاب الذي تعدد ثغرات ضعفه وقوته، وهو أول جهد بحثي لمثقف سوداني سعى لاستقصاء ظاهرة الدولة الإسلامية.. كيف ولدت وأي مستقبل ينتظرها.
{ السفير “الأزرق” في الصفحات (16 و17) من الكتاب ينقب في تاريخ الحرب بين الإسلاميين بـ”أفغانستان” وكيف أن مفكراً ومجاهداً مثل الشهيد “عبد الله عزام” قد تنبأ بانهيار الاتحاد السوفيتي وسقوط دولته المركزية لأسباب اقتصادية بسبب عوامل الإنهاك الاقتصادي جراء الإنفاق على حرب “أفغانستان”، وقد تحققت نبوءة “عبد الله عزام” مع وجود أسباب أخرى.. وقد سألت في المنتدى السفير “الأزرق” إن كانت تلك قناعته أيضاً فلماذا لا يسدي هذا النصح لحكومة وطنه الذي هو من صناع قرارها والواصلين مع رموزها، بأن تجعل من تجربة الاتحاد السوفيتي عبرة ودرساً لها وهي تخوض غمار حروب تطاولت.. ولم يجد السفير حرجاً في كشف الحوار الذي دار في حجرات السجن بينه والمسجونين جراء أعمال إرهابية بـ”أمريكا”.
غداً نواصل ..