نبض المجالس ..معركة إيلا ..

معركة إيلا
رغم الحزن والأسى والأمراض القديمة التي تعانيها ارض الجزيرة، الا ان معركة الحاكم الجديد محمد طاهر ايلا بولاية الجزيرة مع الخدمة المدنية بمفاسدها وانهياراتها افلحت في ان تحشد ربما كل اهل الجزيرة في صف وارادة واحدة خلف الادارة الجديدة التي تدير امر الولاية هناك.
واسوأ ما في هذه المعركة ان اصحاب المشروع السياسي والفكري القديم يصارعون الآن بكلتا يديهم وبكل ما يملكون من اسلحة وادوات وقدرات، وانهم يخوضون صراع المحتضر مع خراج الروح، فالمشروع السياسي سقط بين أيديهم بكل مفاهيمه وشعاراته الاسلامية، بعد ان اختزلوا فكرته ومبادئه في سلطة وجاه ودنيا، فلم يعد المشروع لهؤلاء بهذا الكيف مشروعاً فكرياً او رسالياً راشداً وهادياً للعدل والاصلاح تحكمه قيم السماء، ولكنه تبدد الى لا شيء، بل اصبح وبالاً وكابوساً لاهل الجزيرة ومعه ضاعت احلامهم وآمالهم.
والحقيقة التي توصل اليها كل اهل الجزيرة بما فيهم الوالي الجديد هي أن حجم الخراب الذي كشفت حقيقته معركة ايلا وبالاخص في الخدمة المدنية، كان خراباً ضخماً متوارثاً منذ فجر الانقاذ، انهك اقتصادها وبدد قدراتها فبنى الفاسدون اوكاراً واعشاشاً وممالك وامبراطوريات بكل جبروتها وطغيانها، واحكم الفساد قبضته تماماً على مفاصل الخدمة المدنية، وانتهك قوانينها ولوائحها وحتى شرفها، فخلفت هذه المعركة حقائق مدهشة ومثيرة تحدثت عن مرتبات اهل القبور والمرتبات المزدوجة والوهمية، ومرتبات اللاوظيفة واللامؤهلات، وغيرها من الموجعات المبكيات في الخدمة المدنية بالجزيرة، والمعركة مازالت في مراحلها الاولية، ويبدو ان السيد إيلا يتأهب الآن لتسديد الضربة القاضية ضد بقايا الحرس القديم، فهم مازالوا محتفظين ببعض سلاح وسلطان ونفوذ لحزب سقطت معظم اوراقه، وبات يتآكل من الداخل بسبب عوامل التعرية السياسية والرمال المتحركة، ولهذا اوشكت معركة إيلا مع الخدمة المدنية ان تنتهي، ولكن لم تبدأ بعد الحرب بينه وبين الثالوث المرعب الفقر والمرض والبطالة، فالجزيرة أقل ولايات السودان حظاً ونصيباً من الاعتمادات المركزية في مجالات التنمية والخدمات.
عاصفة «الحزم» ضد مولانا
عواصف عاتية مصحوبة بزوابع سياسية هبت بالأمس بشكل عنيف في اتجاه معسكر مولانا السيد محمد عثمان الميرغني، وحاولت اقتلاع عرشه من جذوره، واحدثت انقلاباً كبيراً في منظومة قيادة الحزب الاتحادي الاصل، حيث اعلن الانقلابيون امس مكتباً سياسياً انتقالياً يضم «269» عضواً من كل ولايات السودان، تزين واجهته قيادات بارزة من الصف الاول بالحزب بررت خطوتها هذه بأن ليل الانتظار لا بد له من فجر.
ولكن اخطر ما في هذا الانقلاب انه حاول اجراء عملية بناء جديدة للحزب، وبركائز وافكار «بديلة» وتشكيل حزب اخر موازٍ للاتحادي الاصل، بعيداً عن دار ابو جلابية وعن مولانا الميرغني، ويتقاطع مع مواقفه وسياساته وقيادته بألا مشاركة ولا حوار مع المؤتمر الوطني، بل نضال وكفاح واسقاط للنظام، هكذا كان يتحدث الانقلابيون ليلة السبت في نفرة اتحادية اشبه بعاصفة الحزم.
وتكمن أهمية وخطورة هذا التداعي الاتحادي في كونه سيحدث هزة وزلزلة عنيفة في عرش «مولانا»، لأن كل الغاضبين والمفصولين والمبعدين والمحبطين سيكونون تحت مظلة الاستقطاب السياسي الحاد لهؤلاء الانقلابيين، او بالاحرى القيادة البديلة، خصوصاً أن هذه القيادة تبنت سكة البحث عن المؤتمر العام الضائع سنين عدداً من كل فصائل ومكونات واحزاب الحركة الاتحادية التي تشظت وتبعثرت كثيراً في فضاءات الساحة السياسية بسبب القيادة المهاجرة والمؤتمر الضائع والوحدة المستحيلة والهرولة تجاه المشاركة في الحكومة.
وهذه الخطوة إن لم تكن متوقعة او محسوبة لدى الحكومة، فإنها بالطبع ستحدث ربكة كبيرة في مسارات التحالف بين المؤتمر الوطني وحزب مولانا، باعتبار انه اذا نجحت القيادة الانتقالية الجديدة في كسب جماهير الحركة الاتحادية فإن الاتحادي الأصل سيصبح مجرد «رأس بلا قاطرة»، وبالتالي فإن التفويض الممنوح للقيادات الاتحادية المشاركة الآن في الحكومة يصبح ايضاً تفويضاً ممزقاً او بلا شرعية. وعموماً فإن الذي جرى ليلة السبت سيحرك كل البرك الساكنة في مسرح الاتحاديين، وستتوالى ردود الفعل، وتشتعل الساحة بحرب البيانات والبيانات المضادة ويستمر النزيف!!
الجزيرة أبا تستغيث
في ولاية السكر بالنيل الابيض وبالاخص في منطقة الجزيرة ابا المعقل التاريخي للأنصار، تتصاعد الأنات وتستشري الأمراض بين المواطنين بشكل مخيف، فمصنع سكر عسلاية هناك اصبح بعبعاً وكابوساً مخيفاً ومبعثاً للأمراض والملوثات التي طالت كل وجوه الحياة بالجزيرة ابا وما جاورها من قرى وأرياف، لأن المياه التي تشكل عصب الحياة تلوثت تماماً واصبحت ذات لون وطعم ورائحة ادت الى انتشار الأمراض كالكبد الوبائي ونفوق الثروة الحيوانية ودمار التربة.. هذه هي صرخات مواطني الجزيرة أبا، فمن يسمع صيحاتهم؟ ومتى يتحرك من بيده القرار والسلطة حتى تنتهي هذه المآسي الى الأبد، وهذه رسالتنا للدكتور عبد الحميد موسى كاشا عله يسمعها ويتدارك الأمر حتى لا تتطور الظاهرة الى كارثة.
إعادة إنتاج
الانتشار المكثف للحركة الإسلامية السودانية عبر تواصلها مع قواعدها علاوة على الظهور الطاغي لامينها العام الزبير احمد الحسن على مستوى «الميديا» المحلية في الأيام الفائتة، يبرر حقيقة أن هناك تباينات في قيادة الحركة في دورتها القادمة، الامر الذي يؤكد ان هناك مجموعة تنشغل الآن وبشكل سري بعيداً عن عيون الإعلام كما قالت امس الزميلة «التيار»، بإعادة انتاج جديد للاستاذ علي عثمان محمد طه ليعود لكرسي الأمين العام من جديد، وهذا ما لا يمكن تستوعبه جماهير ومكونات الحركة الإسلامية، لكن يبدو ان الذين يتحركون في هذا الاتجاه ربما لديهم مواقف ورؤى تتقاطع مع اي ظهور جديد للدكتور حسن الترابي على مستوى قيادة الحركة الاسلامية، او منحه القيادة الدينية والأبوية لهذا التنظيم.
وعموما فإن الحديث عن أية تغييرات مرتقبة في قيادة الحركة سيشعل منابر ومجالس الإسلاميين بمزيد من العراك والتباينات الفكرية والسياسية في كيان الحركة الإسلامية، لكن يبدو أن الحركة نفسها تتهيأ الآن لفارس قادم.

هاشم عبد الفتاح
الانتباهة

Exit mobile version