اقتصاد وأعمال

ضوابط المركزي السوداني.. الإفراط في فشل السياسات النقدية


في الوقت الذي أعلن فيه بنك السودان الاتجاه لوضع ضوابط من شأنها أن تحد من الانفلات في أسعار الصرف، قطع خبراء ومصرفيون بأن هذه السياسات لن تؤتي أكلها، وأنها مدعاة للسخرية من تكرار المركزي لسيناريو الإسراع في وضع ضوابط جديدة، وهو سيناريو اعتاد عليه المركزي كلما ضاق ذرعاً بايجاد حلول تحد من الانفلات.

وفي السياق قلل الخبراء من أهمية اتجاه المركزي لطرح منشورات وضوابط جديدة من شأنها ايقاف انفلات الدولار مقابل الجنية السوداني، وجزموا باستحالة أن تسهم أي منشورات أو ضوابط أو إجراءات أمنية في الحد من أسعار الصرف في السودان في الوقت الراهن .. وسخروا من تكرار المركزي للاتجاه لسيناريو الضوابط.. والتي وصفوها بالوهمية .. وعاب الخبراء السياسات الاقتصادية الراهنة، مشيرين إلى أنها أسهمت في زيادة حجم الاستيراد، وخلقت عجزاً في الميزان التجاري إلى أن تمدد وبلغ (3) مليار دولار، منوهين إلى أن تلك السياسات تترتب عليها كثير من الآثار السالبة.
٭ المنشورات لا تحد من الأسعار
وقال الخبير المصرفي الدكتور شوقي عزمي لاتستطيع أي منشورات أو ضوابط صارمة أو إجراءات أمنية أن تحد من أسعار الصرف بصورة نهائية، مبيناً: غالباً ماتكون الضوابط ذات تأثير وقتي، مشيراً للآثار السالبة التي تترتب على وضع سياسات وضوابط على التعامل بالنقد الأجنبي، وذلك للطلب الكبير عليه لتغطية التزامات قائمة فعلاً، مشيراً لوجود مديونيات ضخمة على الحركة التجارية، فهنالك مديونيات والتزامات تجاه المستثمرين لم تستطيع الدولة أن توفرها لهم كاستثمارات القطاع الزراعي، وعزا شوقي ارتفاع الدولار لعدم وجود دخل أجنبي وضعف الإنتاج وقلة المعروض من الدولار، مما أدى لعزوف المستثمر عن الاستثمار في السودان، بجانب المقاطعة والحصار المضروب على السودان، وأضاف يكمن الحل في توفير عملات حرة، والتقليل والتخفيض من سياسات استيراد السلع المحدودة، بجانب دعم السياسات الانتاجية، مما يقلل من اللجوء للدولار والتوجه نحو التمويل الزراعي بصوره كبيرة، وطالب الجهات الرسمية بضرورة حث الدول العربية وتمكينهم من جلب ودائع مصرفية ضخمة.
٭ حلول مؤقتة
واعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور بابكر محمد توم أن السياسات التي يفكر بها البنك المركزي حلول مؤقتة لاتعالج أي مشكلة على المدى البعيد، وأرجع التوم ارتفاع الدولار لزيادة الطلب، وفتح الباب على مصراعيه لسياسة الاستيراد التي طبقت دون قيمة تحويلية مناسبة، منوهاً لأهمية وضع رؤية مستقبلية في توفير الموارد الزراعية والخدمية واستراتيجيات اقتصادية ومدخلات انتاجية، لإنتاج سلع للصادر، بجانب ترشيد الاستيراد وانتاج حزمة من السلع للتصدير كالقمح والصمغ العربي
٭ مؤشر أزمة الاقتصاد السوداني
قطع الخبير الاقتصادي كمال كرار بأنة لا توجد سياسات أو إجراءات من شأنها أن تحد من سعر الدولار، مبيناً أن السياسات الاقتصادية الراهنة قد خلقت عجزاً في الميزان التجاري بنسبة بلغت (3) مليار دولار، وبالتالي تسببت في ارتفاع الواردات، مضيفاً هذا ما يدل على ندرة النقد الأجنبي في الأسواق، مبيناً أن السياسات النقدية والمالية تؤدي باستمرار لتدهور قيمة الجنيه السوداني، مثل زيادة الكتلة النقدية دون اعتبار للنمو الاقتصادي أو الإفراط في الدين الداخلي لتمويل الميزانية، موضحاً هذه الحالة لاتنفع معها إجراءات إدارية، وقال إن الحل يكمن في تخفيض الواردات وخاصة الكماليات، بجانب الاهتمام بانتاج السلع النقدية كالقطن والقمح وذلك لزيادة حصيلة الصادرات، بالإضافة لتخفيض الانفاق الحكومي من العملات الصعبة مثل سفر الوفود للمؤتمرات، وقال إن تدهور سعر الجنيه السوداني مؤشر لأزمة الاقتصاد السوداني، مضيفاً بأن تداعياتها كبيرة على الاقتصاد خاصة فيما يتعلق بأسعار السلع التي تزداد تبعاً لزيادة سعر الدولار، وهذا يفاقم من الضائقة المعيشية والمعاناة.

تقرير: زكية الترابي : اخر لحظة