النصف المليان من الكوب!!
خلونا وبكامل التفاؤل الذي يحاول البعض أن ينتزعه من دواخلنا انتزاعاً ويفرض علينا الإحباط ويرسلنا إلى عوالمه الغامضة وبعلم الوصول كمان، خلونا ننظر في نصف الكوب المليان ونتجاوز بالنظر النصف الفاضي ونقول إنه لا زال هناك وميض وبارقة أمل أن الضمائر كلها ما ماتت، وما زالت هناك نفوس راضية وقانعة ومصرة أن تؤدي رسالتها رغم الضغوط والمغريات، ولنأخذ حدثين صادمين جرت تفاصيل روايتهما خلال هذا الأسبوع، الأول إلقاء القبض على المسؤول الرفيع في إحدى الولايات وهو يمثل دور البطولة في مسلسل (العشق الممنوع)، والرجل لحظة إلقاء القبض عليه قدم رشوة للقوى الأمنية الجسورة مبلغ (10) آلاف جنيه، وفي رواية أخرى (25) مليون جنيه، وكلا المبلغين ما ساهل ويمكن أن يسيل له اللعاب في مثل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، لكن من قدمت لهم الرشوة ترفعوا وسموا واشتروا الحق والعدل بثمن غالٍ لا يدرك قيمته ذلك الفاجر، وتم إلقاء القبض عليه ليلقى جزاءه في (فضيحة بجلاجل وجرسة بحناجل) على قول “عادل إمام”.
الحادثة الثانية بطلها ابن الست الوزيرة بتاع “الشاشمندي” الذي يستخدم عربة الحكومة ليظبط بها كيفه وكيف أصدقائه، وأحسب أن الشاب وبذكاء منه تخير أن يقود عربة الوزيرة لأنها ستمنحه بالتأكيد الحصانة اللازمة لممارسة أفعاله وهو في مأمن من الشك والريبة، لكن حظه العاثر ونية الغلابة في البلد دي رمته في آخرين من رجال الشرطة الكرام الذين أمناهم على مالنا وحالنا وعندهم يستوي ابن الوزيرة بابن الغفيرة، كلاهما أمام القانون وتطبيقه واحد بلا زيادة أو نقصان، وتم تفتيش الكامري (المكيفة والمتكيفة)، وضبطت بداخلها الممنوعات، واقتيد الشاب إلى حيث ينبغي أن يذهب ليطبق عليه القانون شأنه شأن أي شخص وقع في ذات الجرم رغم أن البعض أراد أن يمارس حركات ما في محلها إرضاء للست هانم التي ضمنت ابنها وتركت صديقه في الحبس لتعود العدالة إلى مجراها الطبيعي ويوجه للصبي الاتهام المنطقي، خاصة وأن كمية المخدرات المضبوطة لا يمكن أن تكون فقط للتعاطي حتى لو كان رأسه رأس الرجاء الصالح.
الدايرة أقوله إنه ورغم الصدمة والدهشة التي تصيبنا من شاكلة هذه الأخبار، إلا أنني سريعاً ما أنظر في الجانب الآخر لها وأقول إن من كشفها وحرزها وأوصلها حتى سوح العدالة هم برضو مسؤولين وسودانيين حافظين للعهود وشرف المهنة، لم يبيعوا ضمائرهم مجاملة لمسؤول أو درءاً لفضيحة نافذ، وكانوا وسيظلون على قدر القسم الذي أقسموه وهم أعين ساهرة وأيدٍ على الزناد.
{ كلمة عزيزة
السيد معتمد بحري الذي تفاءلنا خيراً بحراكه الذي بدأه وابتدره من خلال نظافة السوق الكبير ببحري فترت همته ولزم مكتبه وما عدنا نسمع أو نرى مبادرات ذات صلة بالمدينة الكبيرة، وبحري الآن (ماشة بالبركة) والحال يا هو ذات الحال، لم نشعر أن المعتمد السابق قد ذهب ليشغل منصبه معتمد جديد، ولو أنه هو الآخر ذهب وظل مقعد المعتمد شاغراً لما شعرنا بالفرق لأنه ليس هناك تغيير نتلمسه على أرض الواقع.. هؤلاء المسؤولون للأسف يتعاملون مع التكليف الكبير وكأنه دوام مثله مثل أي دوام لوظيفة حكومية دون ابتكار ولا أفكار، والحال يا هو ذات الحال.. وكله عند العرب ليمون ويوسف أفندي كمان.
{ كلمة أعز
اتصل عليّ أمس قارئ كريم وعزيز عرفني بأن اسمه “سليمان ابن عوف” قال لي إنه قد تأثر جداً بالزاوية التي تحدثت فيها عن الإعلان الموضوع داخل أحد المستشفيات لترغيب الأطباء بالسفر للعمل بالخارج، وقال لي (يا بتي سنة 1965م كنت ممرضاً بمستشفى الخرطوم وكان مديرها في ذاك الوقت الدكتور “عبد الحليم محمد” ويومها طلبت وزارة الصحة الكويتية ممرضين من أصحاب الكفاءة)، وأضاف عم “سليمان”: (علمت أنا وزملائي بالخبر وتوجهنا للسفارة لجلب الاستمارات وعندما علم دكتور “عبد الحليم” بذلك ذهب لوزارة الصحة ورفض الأمر جملة وتفصيلاً، وقال هذه كفاءة نرفض التفريط فيها واستجابت له الوزارة)! أها يا ناس الوزارة سويتوا شنو في موضوع الإعلان؟؟ ما تقولوا ما جايبين خبر لأنها تبقى مصيبة سوداء!!