جمال علي حسن

غياب الإقالة يفسد طعم العدالة


ليس بعيداً عن موضوع مقالنا أول أمس (انتصار العدالة هو المهم)، لأن ملف الفساد والعدالة هو الملف الذي يستحق أن نطيل الوقوف عنده، ولا أدري لماذا تحتاج الصحافة وتحتاج منابر الرأي العام في بلادنا بعد كل فضيحة مال أو أخلاق مرتبطة بمسؤولين تحتاج أن تطالب بإقالتهم..؟ أليس هذا الأمر غريباً فعلاً، ألا يستحي المسؤول المتورط في قضايا وفضائح وشبهات فساد من نفسه ويتخذ هذا القرار الطبيعي والبديهي الذي لا يحتاج إلى تفكير، قرار استقالته..؟
وحتى لو لم يتقدم باستقالته لماذا لا يتم طرده من منصبه تلقائياً ودون أي تأخير، لماذا تحدث تلك (المحركة) والانتظار المريب حتى تطالب الصحافة بطرده أو يطالب نواب البرلمان باتخاذ هذا الإجراء حيال فاسد يريد أن يستمر في منصبه بعد فضحه ولا يستحي على دمه.
الفساد مهما صغر حجم الجرم أو كبر فإنه يعني عدم صلاحية هذا المسؤول للاستعمال والاستئمان على المسؤولية، ولا أدري من أين تأتي الحكومة بمسؤولين ثقلاء الدم لهذا الحد ونحن تربينا كسودانيين على الحياء وتفادي الحرج والحساسية العالية وليس ثقل الدم.
أنت مفضوح ومتورط في قضية فساد لماذا لا تغادر فوراً وتحفظ ما تبقى لك من ماء وجه لو كان في الوجه قطرة ماء متبقية يا أخي لماذا لا تفعلون مثلما يفعل خلق الله في كل أنحاء الدنيا، أصغر وأكبر فضيحة تتم محاسبة صاحبها وطرده دون تفكير أو تأخير.
هذا ليس محصوراً على الساسة بل في جميع المجالات.. راجعوا تاريخ فضائح نجوم التمثيل والغناء حتى النجوم العرب تجدون من تورط منهم في قضية مخدرات ومن ( قفشوه) في ملف آداب، لا تقوم له قائمة مرة أخرى ولا تكاد ترى لهم وجوداً أو تسمع لهم صوتاً بعد إدانتهم بمثل هذه الفضائح.. دعك عن سياسيين ومسؤولين في وزارات وقطاعات حساسة..
اذهبوا يا أخي وغادروا من تلقاء أنفسكم فلا مكان لفاسد مفضوح وطوابير البدائل الأنفع والأنزه منه ليس لها حد.. رئيس نادي كاتانيا الإيطالي أنطونيو بولفيرنتي بعد القبض عليه بتهمة التلاعب بنتائج مباريات مقابل دفع أموال في دوري الدرجة الثانية، للحيلولة دون هبوط النادي من البطولة اعترف مباشرة بجريمته وأعلن على الفور اعتزاله كرة القدم وكلف محاميه ببيع النادي وبرغم ذلك صدر قرار بمنعه من المشاركة في الفعاليات الرياضية ودخول الملاعب لمدة خمس سنوات.
هنا تجد المسؤول والنجم يمشي مفضوحاً محتقراً بين الناس مراهناً على ذاكرة عامة خربة أو تسامح وغفران في غير مكانه..
من الممكن أن يتسامح المجتمع معك كإنسان معرض للخطأ، لكن ذلك يكون فقط في الإطار الاجتماعي وبعيداً عن تولي مسؤولية أو شأن عام.
الحكومة تحتاج لأن تكون لديها (كوشة) للفاسدين ولا يجب أن تصر على الاحتفاظ بهذه النوعية لأن الاحتفاظ بهم يلوث بيئتها وينشر الوباء ويسقط سمعتها ويعني أن العدالة منقوصة ويعني توافر الجدية المطلوبة لكنس قمامات الفساد من فناء دارها.

شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين