ملتقى التعابير ..!!
:: ومن مواقف صديقنا زكريا حامد، عندما انتقل والده الى رحمة مولاه قبل عقد ونيف بحلفا، جاءه زميل دراسة من عطبرة معزيا ومشاطرا أحزان الرحيل، ثم غادره بعد أن زار قبر المرحوم وترحم عليه..وبعد سنوات من الوفاة والعزاء، التقاه ذات الزميل في زحام السوق العربي بصدفة أسعدتهما كثيراً..وبعدالتحايا سأله الزميل بلهفة : ( بالله الوالد كيف ؟).. أي خانه التعبير، وقبل أن يتفاجأ زكريا بالسؤال، تمادى تعبير الزميل في الخيانة سائلا : ( لا أنا قصدي هو لسة في قبره داك ؟)..!!
:: ويُقال أن التعبير كثيراً ما يخون العقل أمام المحبوب والمحبوبة..ولتجاوز ( الكتمة الراهنة )، نُحسن الظن ونقول أن الصحافة أو وزارة المالية تحب الشعب السوداني لحد العشق، ولذلك خانها التعبير في الحديث عن قضية رفع الدعم عن السلع.. فالمالية نفت خلو خطابها السابق في البرلمان من إقتراح (رفع الدعم)، و الصحافة تؤكد عدم خلو الخطاب من إقتراح (رفع الدعم)، و في خضم السجال ما بين النفي الوزاري المغلظ والتأكيد الصحفي المتطرف ترتبت أشياء و تراكمت آثار و ..( كتمت عديل)، لحد إيقاف صحيفة و إنذار أخريات…!!
:: والمهم..خيراً فعل مجلس الوزراء بإجازة موازنة خالية من رفع الدعم عن القمح والوقود والكهرباء، وكذلك خيراً فعل بزيادة الأجور (20%)، ثم زيادة المعاشات وكفالة الطلاب وغيرها من البشريات التي حلت محل (الهواجس).. شكراً للمالية و المجلس.. ولكن، لا رخاء ولا راحة للناس والبلاد ما لم يحل السلام ونودع الحرب، وما لم ترشد الحكومة صرفها على (ذاتها) لحد الضروريات فقط، وما لم تتوفر الإرادة السياسية المكافحة للفساد وإهدار المال العام في غير بنوده الخدمية والإنتاجية، وما لم يتوفر المناخ الإقتصادي الجاذب للإستثمار و الرافع لمعدل النمو والإنتاج ..!!
:: نعم بالموازنة آمال..رفع معدل الناتج المحلي الى (6.4%)، خفض الفجوة ما بين سعر الصرف الرسمي والموازي، وتخفيض معدل التضخم إلى ما دون (13%)، وتخفيض نسبة البطالة إلى ما دون (18%)، وزيادة انتاج الذرة الى (7.7 مليون طن)، وزيادة إنتاج القمح الى (1.4 مليون طن)، ورفع عائد الثروة الحيوانية إلى (1.1 مليار دولار)، وزيادة التوليد الكهربائي (750 ميقاواط)، وإنشاء الطرق (466 كيلو)، ووحدات صحية (500 وحدة)، وتشجيع إنتاج السكر والأدوية و..و.. فالآمال عريضة .. و الكل يعلم أن تحقيق هذه الآمال وغيرها بحاجة إلى إرادة تصنع السلام والإستقرار السياسي (قبل كل شئ)، ثم محاربة الفساد ..فالحرب – كما الفساد – محرقة الموارد، ولو كان للسلام ثمناً ماديا لدفع الشعب كل الموازنة ثمناً ..!!
:: وختاماً، ما يجب تأكيده هو أن المواطن كان ولايزال وسيظل هو المكيال الوحيد الذي تكيل به الصحافة كل القضايا .. وأن الصحافة التي إنتقدت وزارة المالية في الأسابيع الفائتة هي ذات الصحافة التي دعمت وزارة المالية في مشروع التحصيل الإلكتروني، و هي ذات الصحافة التي دعمت وزارة المالية في القرارات الإصلاحية الخاصة باستيراد القمح..أي لا عداء ولا صداقة، وأن مصالح الوطن والمواطن – فقط لا غيرها – هي الملتقى والمفترق مع الساسة ..!!