الصمغ العربي .. 150 مليون دولار صادر السودان سنوياً
يعد الصمغ العربي سلعة ذات أهمية خاصة للصناعات الغذائية وصناعة المشروبات الغازية بأنواعها علاوة على استخدامه في صناعة العقاقير الطبية كما أن معدلات استهلاكه تتزايد سنوياً بصورة مضطردة بسبب توسع الأسواق الدولية للصمغ وفي كل عام يتم اكتشاف جديد للخصائص الغذائية والطبية للصمغ وفي الوقت الحالي يصدر منه السودان ما قيمته 150 مليون دولار سنوياً، وهو رقم ضئيل جداً بالمقارنة مع الإمكانات الضخمة التي تتمتع بها البلاد في مجال إنتاج الصمغ العربي كمحصول إستراتيجي للدولة إذ تشيرالإحصائيات الرسمية إلى توافر أكثر من 150 مليون فدان صالحة للزراعة المطرية والمروية بالسودان وهو ما يمكن أن يشكل قاعدة أساسية للتوسع في المساحات المستغلة زراعياً بما يسهم إيجاباً في خدمة برامج الأمن الغذائي للبلاد والدول المجاورة أيضاً ويتميز السودان بالنمو الجماعي الصافي للصمغ دون اختلاطه بالأنواع الأخرى مما يمكن البلاد من احتكار السوق العالمي بكل يسر في حال توفر الاهتمام الكافي بالمحصول ذي القيمة النوعية العالية ومؤخرًا إضيف له إفراز شجرة الطلح الأقل جودة واستعمالا وسعراً حيث أقرت هذا الخلطة لجنة دستور الأغذية وأصبح الصمغان يسوقان تحت مصطلح كودي واحد .
الصمغ العربي .. إمكانيات ضخمة
يشير الخبير في مجال الصمغ العربي د.عبد الماجد عبد القادر الى ان الصمغ ينمو في حزام مداري ويمتد في أفريقيا غرباً وشرقاً بين خطي عرض 10 و14 شمالاً من نيجيريا والسنغال عبر تشاد الى اثيوبيا وإريتريا ودول اخرى مشيراً الى أن حزام الصمغ العربي يشمل خمس مساحة السودان ويوجد في 11 ولاية فيما يعمل في إنتاجه 5 ملايين مواطن. وقال إن أشجار الحزام الصمغي توفر سبل المعيشة والاستقرار للمزارعين والعاملين في القطاع خصوصاً في أراضي القوز في كردفان ودارفور وعلى السهول الطينية في شرق وغرب البلاد، مؤكداً أن العائد المالي لإنتاج الصمغ يكمل العائد المالي للمزارع التقليدي من زراعة الذرة والدخن والسمسم، لافتاً الى أن زراعة الصمغ تسهم بصورة إيجابية في إعادة خصوبة التربة عندما تضعف ويقل إنتاجها من أثر الاستزراع، مضيفاً بوجود فوائد اخرى لزراعة الصمغ تتمثل في إنتاج الأخشاب وثلث علف القطيع القومي بالإضافة الى أهميته في تثبيت الرمال مما يسهم في إيقاف الزحف الصحراوي .
إسهامات الصمغ العربي في التصنيع الغذائي:
أثبتت الأبحاث المتعددة التي أجريت علي منتج الصمغ العربي عدم وجود أي مادة تماثله في التصنيع الغذائي من حيث تعدد الإستخدامات التي تشمل العديد من السلع والمنتجات المصنعة لأهداف متباينة ويتميز الصمغ بقدرته على تحسين خصائص اللون وحفظ النكهة المرغوبة في الخبز والمعجنات وذلك عن طريق إضافة القليل منه كما يدخل الصمغ العربي في صناعة الحلويات التي تستهلك أكثر من نصف كمية الصمغ العربي المتوفرة في الأسواق العالمية نظرٍاً لتميز صمغ الهشاب بخصائص ممتازة تتناسب مع أغراض إنتاج الحلوى لأنه يوفر الطراوة المطلوبة مع القوام المتماسك. وقد شهدت الأسواق العالمية مؤخراً منتجات الحلوى ذات السعرات الحرارية المنخفضة والتي تصل نسبة الصمغ فيها ما بين 40 الى 50% من مكوناتها الكلية كما يشكل الصمغ مادة لا بديل لها في صناعة المشروبات الغازية والعصائر نسبة لقدرته الفائقة على تثبيت المكونات في النظم المستحلبة ونسبة لأنه منتج ومكون صناعي لا بديل له فقد تم استثناؤه من الحظر الأحادي الأمريكي على السودان في التبادل التجاري بالأسواق العالمية كما يستخدم في تصنيع المستحضرات الصيدلانية وغيرها من الصناعات.
التسويق .. إشكالية التقليل من حجم صادر الصمغ السوداني:
الكميات الهائلة التي تنتج بالسودان من الصمغ العربي لم تتم الاستفادة منها بالصورة المثلى وهنا يعود د. عبد الماجد ليشير إلي تأثر تسويق الصمغ العربي بعوامل داخلية وخارجية أسهمت في تقليل كمية الصادر منه مشيراً الى أن التسويق يمثل حجر الزاوية في انسياب الصادرات وتحديد حجم الأطنان المصدرة كل عام مؤكدًا أن ذلك تسبب في تقليل حجم العائد من الصادر منتقداً ظاهرة الاحتكار الداخلي ومنح الامتياز الحصري لشركات بعينها لتصدير الأصماغ السودانية، مشيرا الى أن الاحتكار الخارجي تمثل في هيمنة خمس أو ست شركات أجنبية على الأسواق الأوربية مع شركات أقل في السوق الأمريكي لافتاً الى أن الوجود الحكومي من خلال رأس مالها الذي يعادل 28% من أسهم شركة الصمغ العربي جعل منها جسماً شبيهاً بالمؤسسات الحكومية وجعل منها مسرحاً للصراعات بين منسوبي الحكومة والقطاع الخاص في المجلس مما أسهم بصورة مباشرة في تعثر أداء الشركة مبدياً أسفه على غياب سياسة تسويقية واضحة في شركة الامتياز بالإضافة الى هيمنة الجهات الحكومية على اتخاذ القرارات ومنها وزارة التجارة وبعض الجهات الأخرى معتبراً أن ذلك أسهم في تضارب الخطط والرؤى مما أربك عمليات التسويق مشيرًا الى عدم ثبات الرؤية والخطط في تعامل الجهاز المصرفي مع هذه السلعة السيادية بالإضافة الى عدم ثبات التمويل المخصص لقطاع الصمغ العربي” علي قلته”. مضيفاً بأن ظهور البدائل الصناعية للصمغ العربي وازديادها مقابل انحسار المنتج من الصمغ العربي بالإضافة الى الدعم اللوجستي والمالي الذي تقدمه بعض الجهات الأوربية إلى الأقطار الأفريقية المجاورة للسودان والتي تشاركه في حزام الصمغ العربي أسهم في تضاؤل مكانة السودان إلي ذيل قائمة الدول المصدرة للصمغ العربي بعد أن كان رائداً لها.
الصيحة