للوطن مجدداً في مطلع العام الجديد
بعد محاورات من المثقفين السودانيين بمختلف انتماءاتهم.. بعد مشاهدات للمسحوقين السودانيين.. وبعد تأملات لبقايا الطبقة المتوسطة.. لا أحد تعجبه الحكومة.
بعد مطالعات لآراء المثقفين العرب وبعض الأفارقة.. وبعد قراءة تحقيقات عن غير المثقفين العرب وبعض الأفارقة.. لا أحد تعجبه حكومته.
حتى قر في ذهني لا أحد يحب الحكومة سوى ناس الحكومة.
لكن حتى وإن كنت لا تحب الحكومة.. فأنت تحب الوطن.. فهل تعمل الحكومة على تغيير الناس من حب الوطن.. وماذا فعلت الحكومة؟
الحكومة حين تواجه التحديات الكبرى وتستشعر الخطر.. عندئذ تلجأ إلى شعبها.. وشعبها عندما يرى أن الحكومة تحتاج إليه يسعى لابتزازها وإرغامها على تمشية مطالبه.
ألا تلاحظ في كل دولة.. وضمنها دولتنا الفتية.. حين تتكالب عليها المحن الخارجية يبدأ الناس أو قل الجماهير في تقديم الفواتير؟
المزيد من الإصلاح.. حريات العمل النقابي.. تبدأ المطالبة باجتثاث الفساد وإعادة المسروقات المنهوبة.. بين ليلة وضحاها.. يريدون حرية وديمقراطية وعدالة ومساواة وتنمية ورفاهية.. الفواتير لا تقدم إلا حين تجتاح المحن الوطن.. وتكون الحكومة هي المسؤول الأوحد لمواجهة التحديات.
نعم مفهوم الوطن أكبر.. وحب الوطن ضرورة.. لكن كيف يتأتى ذلك والأحوال المعيشية تتردى.. والضوائق الاقتصادية تجتاح.. وبالتالي تتردى القيم والأخلاق وتنهار المثل العليا.. فيباع حتى الوطن.
إن السعي الحثيث لتأمين اللقمة يضعف حتى الانتماء للوطن.. فتسمع عبارات الضمور في التربية الوطنية.. فيصبح (العدو) أخف وطأة..وعدو عادل خير من حكومة ظالمة.. وهو إحساس كاذب.. كيف توقف الحكومة ابتزاز المواطن ومنظمات المجتمع المدني والنقابات؟
أرى أن الحكومة مضطرة جداً لعمل اللازم المتمثل في :-
أن يحس المواطن حقيقة بالمواطنة وبالوطن الذي يطلب منه أن يدافع عنه.. بل يحب أن تطاوعه نفسه على التضحية من أجله.
أن تسهم المؤسسات وتجبر على الإسهام في ترقية أحوال المواطنين المعيشية.. فعندنا الأمور مقلوبة.. فالقروض الحسنة ينعم بها الأثرياء الذين ينمون بها ثرواتهم.. بينما تحجب عن الفقراء أصحاب المصلحة الحقيقية.
إن توقف الحكومة الهدر وصرف الأموال العامة وترشد ذلك
ألا تتوانى في فضح وكشف قضايا الفساد.. ومن ثم تقديم المفسدين للمحاكمة وإعادة المنهوب ومصادرة المسروق وإعادته للدولة.
أن ترخي السلطات قبضاتها على الحريات العامة.. وأن تبتعد عن التدخل في الاجتماعي.. باعتباره جرماً.. وأن تراعي ثقافات وأعراف الأمم السودانية.