زهير السراج

سوق الموت !!

* يحتدم الصراع بين المجلس القومي للأدوية والسموم ووزارة الصحة بولاية الخرطوم على رسوم ترخيص الصيدليات وشركات الأدوية، بينما لا يوجد حتى الآن معمل معتمد واحد بالسودان لفحص الأدوية والتأكد من جودتها ومطابقتها للمقاييس المطلوبة!!
* ولا توجد فحوصات معتمدة بواسطة الجهات الدولية المختصة سوى ثلاثة فقط في معمل تابع لهيئة المواصفات والمقاييس السودانية، ولا توجد خطة أو مجرد تفكير في إنشاء معمل معتمد ولا حتى فحوصات معتمدة !!
* ولا يوجد فحص دوري للأدوية بعد الفحص المبدئي للحصول على الترخيص والذي يتم في معامل محلية بطرق بدائية تفتقد نتائجها للدقة، ويشكك الكثيرون في صحتها، ويمكن بسهولة شديدة الطعن فيها أمام أية محكمة لمخالفتها للمقاييس العالمية المعتمدة لفحص الأدوية!!
* وهذا الفحص الدوري أمر في غاية الأهمية ولا يقل أهمية عن الفحص المبدئي أن لم يكن أهم، وذلك للتأكد من مطابقة الأدوية للمواصفات التي حصلت بموجبها على موافقة المجلس القومي للأدوية والسموم لتسجيلها وتداولها في البلاد، وتنبع أهمية هذا الفحص من قيام العديد من شركات الأدوية بالتلاعب في مواصفات الأدوية المرخصة بطرق كثيرة ومعروفة كتقليل الجرعة الفعالة بغير ما هو مكتوب على صندوق الدواء أو الوصفة المرفقة، وإضافة مواد رخيصة وغيرفعالة في علاج المرض، بغرض زيادة أرباحها!!
* وقصص وفضائح التلاعب بالأدوية كثيرة جداً ومعروفة على نطاق العالم، وهي لا تمثل سوى قمة جبل الجليد بالنسبة الى غير المعروفة، وتعتبر دول شرق آسيا التي نستورد معظم أدويتنا منها الأعلى في العالم بين الدول التي تمارس شركاتها الغش في صناعة الأدوية، الأمر الذي كان يستوجب إجراء فحوصات دورية للتأكد من سلامة الأدوية وحماية أرواح وأموال الناس وأموال الدولة، ولكن من يهتم ومن يفحص، ومتى كانت أرواح الناس تهم المسؤولين؟!
* دعكم من الفحص الدوري، فليس هنالك حتى أي نوع من المتابعة من وزارة الصحة وجهات الاختصاص الأخرى مع الأطباء والصيادلة والمؤسسات الصحية لاستبيان الوضع الدوائي وأخذ الرأي في نوعية الأدوية، على الأقل لمجرد العلم !!
* ولا توجد متابعة من أي نوع أو أية وسيلة لاستكشاف الأعراض الجانبية الخطيرة للأدوية التي تظهر في الغالب بعد نزول الدواء الى الأسواق واستعماله على نطاق واسع، ولا تظهر في مرحلة الاختبارات المعملية، بل لا يوجد حتى رقم هاتف يتصل به المريض للتبليغ عن الأعراض الجانبية غير المعروفة، مثلما يحدث في كل دول العالم، وصدقوني لو وجد مثل هذا الرقم، لما اهتم أحد بالرد على المكالمات التي ترد اليه، أو تَحوّل الى رقم للمكالمات الخاصة والإأنس والسمر ولغو الحديث!!
* وليس هنالك رقابة على الأسواق لمكافحة الأدوية المهربة، وأشك في أن وزارة الصحة أو المجلس القومي للأدوية يعلمان بوجود سوق في مدينة الجنينة بولاية جنوب دارفور اسمه (سوق الدوا) تباع فيه الأدوية المهربة من النيجر وتشاد وأفريقيا الوسطى على الأرض وتتسرب منه الى بقية أجزاء القطر، ولا يدري أحد مدى جودتها وسلامتها أو خطورتها على صحة الناس، ويشهد على وجود هذا السوق الدكتور نصرالدين شلقامي رئيس جمعية حماية المستهلك، الذي رآه بعينيه وتحدث عن خطورته أكثر من مرة ولكن لا حياة لمن تنادي!!
* ولكن ليس كل ذلك وغيره بغريب، ما دام الجهات المختصة مشغولة في الصراع على الرسوم والجبايات، بينما الحكومة تتفرج على صحة وأرواح وحياة المواطنين وهي تضيع !!
الجريدة