(لا تسأل واحدة من جنس النساء عن الشمار …دا نحن اسياده)

السوداني ..واصيل

في المتجر الكبير .. ذلك الرجل كان يقف محتارا امام مجموعة الخضروات …انتهر ابنته الصغيرة التي تدفع بعربة التسوق لاهية ..كان يمسك بحزمتين من الخضار ..يشم هذه ..ثم الثانية ..يعود لشم الاولى ..الثانية ..عندما توقفت بجانبه ..بادرني بالقول (لو سمحت يا أخت ..ياتو في ديل الشمار الاخدر؟؟ )…قلت له على طريقة فرسان في الميدان ..(لا هذا ولا ذاك ..دي كزبرة ..ودا بقدونس ..الشمار الاخدر ياهو دا ) ومددت له بحزمة منه ..اخذها مترددا ..وقال (انتي متأكدة؟؟..) ضحكت وقلت له (ما تسأل واحدة من جنس النساء عن الشمار …دا نحن اسياده)…

تحركت ذاهبة لشأني ..اذا بالطفلة تلحقني وتقول لي (بابا قال ليك تعالي دقيقة) ..فجأة صرت مستشارة في امور الخضروات والفاكهة ..عدت ادراجي ليسألني (المدام كاتبة لي في الورقة ..أسود للمحشي …ما عرفت ياتو ؟؟) ..أسود المحشي هو صغير الحجم يا أخي ..اما ذلك الضخم ..لا يصلح لغير السلطة …شكرني واعتذر لي بأن (المدام والله وضعت قبل اسبوعين ..وما معانا زول ..مضطر اشتري الخدار وامسك البنية ..اخدت اجازة والله من الشغل ) …قلت له لا عليك ..فترة وتعدي ..منها تكون اخدت خبرة في اختيار الخضار ..وتصنيف الفاكهة ..وربما اصبحت شيف خطير في المطبخ …

عندما ذهبت في حال سبيلي ….تذكرت جارتنا رحمها الله وهي تردد (الدنيا دي جاطت من ما النسوان بقن يشتغلن شغل الرجال…يمشن السوق ..ويجيبن الخدار ..ويشترن اللحمة ..هسع كمان بقن يقيفن في البناء.. والراجل يقول للمقاول عايز لون البوهية كدي ..يلقى المقاول غيرو وقال ليهو ..لكن المدام قالت عايزة لون تاني )..تبدلت الادوار حتى نسي الرجال كيف يشترون (الخدار واللحمة).. وأصبحت على كاهل النساء الذي يئن من كثرة ما عليه …لكن الشئ الذي لفت نظري ..هو تضامن الرجل السوداني مع زوجته في مرحلة الانجاب هذه ..تجده يضفي عليها اطنانا من الاهتمام ..وتراه يعتني بالاطفال الاكبر سنا ..لكي تتفرغ هي للطفل الصغير …نظرة عامة للمجتمع السوداني ..نحن نحتفل بفكرة الانجاب عموما ولا زالت أذهاننا لم تلتبس بافكار (تحديد النسل ) ..واختيار نوع الجنين …

تذكرت صديقة من مصر الشقيقة ..متزوجة من سوداني …كنا قد اجتمعنا في منزل احدى السودانيات للمباركة في حدث سعيد لها ..قالت صديقتي المصرية (انا (أولت) لعمر لما أتجوزنا ..بص ..انا ما أقدرش اخلف كل سنة عيل ..زي السودانيات ..خلينا م الاول نتفق على عددهم ..قال اتنين كويسين ..(اولت) له ..اتنين يا عمر ..فاهم يعني ايه؟؟ ..يطلعوا بنتين ..يطلعوا ولدين ..يطلعوا بنت و ولد ..ما ليش دعوة …هما اتنين ..اللي اوله شرط ..اخره نور ) ..ضحكنا على كلامها ..

لا احد منا يحدد ..عدد ابنائه منذ البداية ..ولكن قبل ان نرد عليها اذا بها تستطرد ( بس لما شفت الرجالة السودانيين بيعملوا ايه في الولادة .يهتم بيك وبالعيال ازاي ..يغيروا العفش ..ويجيب لك فساتين ايه وتياب ايه ..وكمان في رجالة يجيبوا لك دهب …عرفت ليه السودانيات يخلفوا كل سنة …ما هو م الدلع اللي شايفنه دا)…ربما في تلك اللحظة تفتحت أعيننا على نعمة الزواج من سوداني … …

هذا الذي نتهمه دائما بالجفاف وقلة الرومانسية .. له أيضا جوانب مضيئة …افترضنا جدلا انها توجد في بقية الرجال ..ولكن يبدو ان (تمساح الدميرة الما بكتلوا سلاح ) ينفرد بها ..ويتميز بها على غيره …يا أيها الرجل السوداني النبيل ..(اخر ما أقول في كلامي …شكرا ..وبعده اهدي سلامي ليك يا )

د. ناهد قرناص

Exit mobile version