وزراء الخارجية العرب محاولات (ترويض الشرسة) !
يهيمن ملف التوتر بين السعودية وإيران على إجتماع وزراء الخارجية العرب الذي سيعقد بعد ظهر اليوم بالعاصمة المصرية القاهرة، وثمة تسريبات من أرض الكنانة قبيل إنعقاد الإجتماع الطارئ تشير إلى وجود مداولات ونقاشات على مستوى وزراء الخارجية العرب، حول إتخاذ إجراءات وقرارات جماعية تجاه إيران وعدم الاكتفاء ببيانات الإدانة والإستنكار، حيث تتعرض القمة العربية لمختلف جوانب القضية وسبل الردّ على إعتداءات إيران على مقرّات البعثات الدبلوماسية والقنصلية السعودية لديها، وعدم الإكتفاء بالإعتذار عن هذا السلوك، ومن المتوقع أن تكون هنالك نقاشات معمقة تتناول التدخلات الإيرانية السافرة في شؤون العديد من الدول، والتي أدت إلى إثارة التوترات والصراعات بها (اليمن، والعراق، وسورية، والبحرين)، إلى جانب تعطيل أعمال الشرعية في لبنان، وغيرها من الأجندة التي ستناقش في الإجتماع.
الوزراء العرب:
من المقرر أن يشهد إجتماع اليوم حضوراً كبيراً من جانب وزراء الخارجية العرب، حيث كان وزيرا الخارجية اليمني عبد الملك المخلافي والسوداني إبراهيم غندور من أوائل الوزراء الذين حضروا إلى القاهرة لارتباطهما باجتماعات مع المسؤولين المصريين قبيل الإجتماع الوزاري، ويأتي إجتماع وزراء الخارجية العرب لإدانة الانتهاكات الإيرانية لحرمة السفارة والقنصلية السعوديتين فى طهران، وكذلك التدخلات الإيرانية فى الشئون الداخلية للدول العربية، فيما وصف البعض اعتداءات الجانب الإيراني على سفارة المملكة العربية السعودية والقنصليتين السعوديتين فى إيران، بأنها «إنتهاك صارخ لكل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وتجسد نمطاً شديد الخطورة للسياسات الطائفية التي لا يمكن الصمت عنها أو القبول بها»، وأشاروا إلى أن دعم الولايات المتحدة الأمريكية للسياسية الإيرانية شجعها على تدخلاتها السافرة بالشئون العربية ، وأكدوا أن الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب سيجعل إيران تشعر بمزيد من العزلة فى وسط الدول العربية.
التعاون الخليجي:
وكان قد إنعقد بالأمس في العاصمة السعودية الرياض إجتماع وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي لصياغة موقف خليجي موحّد لمواجهة الخطوات التي اتخذتها إيران ضد السعودية أخيراً، وتمهيداً لصياغة موقف عربي أوسع ضد طهران، من خلال إجتماع وزراء الخارجية العرب الذي يعقد بعد ظهر اليوم بالعاصمة المصرية القاهرة، ينبغي أن تستغل الدول الخليجية الأموال الضخمة التي تعج بها خزائنها في إغراء إيران التي تنتهج نهجاً برجماتياً مؤقتاً، وإقناعها بالعدول عن سياساتها التوسعية في الشرق الأوسط، حسبما ورد في سياق مقال نشرته صحيفة (فاينانشال تايمز) البريطانية للكاتب ديفيد جاردنر تحت عنوان: الأموال تستطيع ترويض إيران في الخليج، وتحدث الكاتب البريطاني عن انعكاسات الاتفاقية النووية التي توصلت إليها القوى الـ(6) الكبرى مع إيران في منطقة الشرق الأوسط ومخاوف الدول الخليجية، ولاسيما السعودية، من تنامي نفوذ الدولة الشيعية في البلدان العربية بعد الطفرة الاقتصادية التي من المحتمل أن تحققها بعد الاتفاقية، وسلط الكاتب أيضاً الضوء على إحتياج إيران الشديد للأموال والاستثمارات خلال الفترات المقبلة، وهو ما يمكن أن تستغله الرياض لترويض طموحات طهران في المنطقة.
موقف الخرطوم:
قبل أن تعلن وزارة الخارجية عن موقفها الحاسم بطرد السفير الإيراني من الخرطوم بعد التوترات الأخيرة التي شهدتها العلاقة بين الرياض وطهران، شرعت الحكومة السودانية منذ فترة في الإبتعاد عن إيران، لصالح التقارب مع الدول العربية، ومن مظاهر ذلك التقارب، إنضمامها إلى التحالف العربي الرامي إلى إعادة الشرعية في اليمن، ومن هنا يرى البعض أن موقف السودان كان ينتظر اللحظة الأنسب فقط ليعلن عن نفسه، بعدما تبلور بشكل كامل، ففي الفترة الأخيرة، كانت هناك عدة إشارات إلى تملص الخرطوم من علاقتها بإيران، وبالرغم من الطابع المفاجئ لطرد السفير الإيراني من الخرطوم، إلا أن الشارع السوداني استحسن الخطوة، لما لها من تبعات إيجابية على العلاقة بالسعودية وباقي الدول العربية، حيث وجّه رئيس مجمع الفقه الإسلامي، عصام أحمد البشير، هجوماً عنيفاً تجاه ما أسماه مخططاً تقوده إيران لزرع الفتنة في السعودية والمنطقة، وأشاد في خطبة الجمعة بمسجد النور، بطرد المملكة لبعثة إيران الدبلوماسية من أراضيها، واعتبر الخطوة واجباً ضد كل من يتطاول على بلاد الحرمين، ودعا عصام التيارات الإسلامية كافة للتوحد وترتيب البيت الداخلي، ومواجهة المشروع الصفوي الإيراني والمشروع الغربي، وتابع: إن أهل السنة أحرص ما يكونون على وحدة الأمة والحفاظ على هيبتها وجمعها على كلمة سواء، ولا يرضون الظلم والهوان ولا التشكيك في العقيدة والصحابة وسب أمهات المؤمنين، وفي ذات السياق دعا إمام وخطيب مسجد الشهيد، عبد الجليل النذير الكاروري في خطبة الجمعة، إلى الأخذ بالحكمة لترويض إيران ومهادنتها حتى لا تنشب الحروب المدمرة بالعالم الإسلامي، مشيراً إلى أن ذلك يصب في مصلحة العدو ويؤجل معركة تحرير القدس.
أكرم الفرجابي
صحيفة ألوان