جعفر عباس

بن عباس وكيل بيبي بلاس


هناك «هوس» في جميع دول العالم فيما يتعلق بتربية العيال، فكل أب أو أم يريد أو تريد أبناء وبنات أصحاء، ونجباء يحصلون على الدرجات الكاملة في جميع المواد، ولأننا نقدس الشهادات والألقاب العلمية الأصلية والمفبركة، فإننا نمارس ضغوطًا شديدة على عيالنا ليحققوا المزيد من النجاح، وتصل تلك الضغوط إلى درجة الاستعانة بالمدرس الخصوصي، حتى لو أدى ذلك إلى فصل المدرس الخصوصي من العمل بتهمة ممارسة التدريس في وقته الخاص. وكثير من العائلات يريد تفوق العيال من أجل التباهي: «من الحضانة في الخمسة الأوائل.. لو أعطوها درجتين بس كانت تكون في العشر الأوائل».
ولكن «خلاص»، فالمشكلة انحلت باختراع جهاز بيبي بلاس Baby Plus، وهو في حجم علبة السجائر تربطه الحامل حول وسطها خلال الأشهر الأربعة الأخيرة من الحمل، مرتين في اليوم بضع ساعات، ويقول الدكتور برنت لوغان مخترع الجهاز، وهو أمريكي: إن الجهاز يتألف من 16 شريط كاسيت تحوي أصوات نبضات قلب الأم واندفاع الدم عبر المشيمة، وإن هذه الأصوات تسهم في عدم موت خلايا الطفل الدماغية؛ لأنّ نصف هذه الخلايا تقريبًا تموت عادة قبل الولادة… وتعمل تلك الأصوات على تنشيط المخ بحيث تستطيع معظم خلاياه الاتصال بالأعصاب، ما يضمن لها البقاء فاعلة وفعالة.
وخلاصة هذه الحذلقة الطبية هي إثبات أن الطفل الذي يولد من أم مزودة بجهاز بيبي بلاس يكون أكثر ذكاء وأقوى بدنا، وعليه فإنني أنصح الأمهات العربيات بالإسراع في شرائه، وخاصة أن سعره لا يزيد على 380 دولارًا، وذلك قبل أن يكتشف الأطباء أن له أعراضًا جانبية ضارة فيتم سحبه من الأسواق، وكفاعل خير فقد حجزت الكميات المطروحة من الجهاز خارج الولايات المتحدة، لتوزيعها على الراغبين والراغبات في إنجاب عيال من فلتات الزمان، بالسعر الوارد أعلاه زائدا 244 دولارا هي كلفة شحن الجهاز الواحد بحرا للمشتري وتوصيله إلى أقرب ميناء بحري إليه، أما من يريدون أن يتم توصيل بيبي بلاس جوا إليهم، فعلى كل واحد منهم أن يشتري لي تذكرة طائرة على الدرجة الأولى لأقوم بتسليم الجهاز إليهم يدا بيد، لأنّ الجهاز لا يتحمل الضغط الجوي، وسأسافر به، داخل «تيرموس» شاي يحميه من التلف.
وأحسب أن بيبي بلاس هذا سيجعلني مليونيرا خلال أيام لأنّ المهم عندنا أن يكون الطفل عبقريًا ويحرز الدرجات النهائية في جميع المواد، وليس مهمًا أن يحقق ذلك على حساب طفولته أو بمساعدة المدرس الخصوصي أو البرشام الذي يسميه تلاميذ السودان «بخرة» لأنّ التلميذ الغشاش يكتبها على شرائح من الورق تشبه تلك التي يستخدمها الدجالون لكتابة خزعبلاتهم التي «تضمن» العريس للعانس والنجاح للخائب والثروة للفقراء، وهي أيضًا بخرة لأنّ «بركاتها» مثل بركات البخور… مجرد «بخار».
وخلال اتصال أجريته بالدكتور الأمريكي لوغان قال لي: إن الجهاز لا يضمن أن يبقى الطفل ذكيًا إذا تعاطى الفول والفلافل والمكبوس والمنسف والكبة والشاورما والمحشي.. وقد حذر لوغان على نحو خاص من مخاطر الفول والمحشي.. وقال: إنهما يسببان «مرض النوم» وجنون البقر، وتليف الدماغ… وأضاف أنَّ جهاز بيبي بلاس يصلح أيضًا للكبار في العالم العربي وخاصة بالنسبة إلى الذين يعانون من موات الأحاسيس.. ولكنني لا أتفق مع لوغان حول هذا الأمر فلو كانت أحاسيس العرب متيقظة لمات معظمهم من «القهر» و«الغلب».. ولا داعي لتعريض أمة مهددة سلفًا بانقراض لمثل ذلك المصير.

jafabbas19@gmail.com