جمال علي حسن

درس النفط البليغ.. وفاتورة المعركة


درس النفط البليغ لا تتلقنه السعودية بقدر ما هي تلقنه لإيران وتلقنه لأمريكا ودول أوروبا قبل أن تبيعها تلك الدول بثمن الحبر الذي وقعت به اتفاقية رفع الحصار عن إيران، وقبل أيام كنا قد تحدثنا عن انعكاسات انخفاض أسعار النفط على اقتصاديات دول الخليج والتي بدأت تربط الحزام وبدأت حكوماتها رغم ما تمتلكه من احتياطات نقدية لكنها بدأت تتقشف وتبدأ بنفسها مثلما فعلت الكويت الأسبوع الماضي التي أمر أميرها بتخفيض ميزانية ديوانه الأميري نفسه، بعد أن خفضت الكويت في ميزانيتها الجديدة منصرفات 30 جهة رسمية أولاها وزارة المالية .
وهذا هو الدرس الثاني الذي يجب أن نحفظه حرفاً حرفاً ضمن مقررات امتحان التقشف وتقليل الصرف والهدر المالي في الدولة .
السعودية ربما تكون قد ضغطت على نفسها كثيراً وهي تصر على عدم تخفيض إنتاجها رغم الرجاءات الدولية حيث لم يعد لأمريكا ودول الغرب (خاطر) كبير عند السعودية حتى تجاملهم وتراعي مصالحهم وهم الذين لم يراعوا مصالح حلفائهم في الخليج إن لم نقل إن أمريكا الآن متآمرة تماماً مع إيران ضد مصالح هؤلاء الحلفاء الذين تتجه لاستبدالهم بالحليف الجديد حبيب قلبها إيران.
وإيران التي يتبنى فكرها فقه زواج المتعة لا تمانع في إتمام عقد قرانها على من كانت تصفه بأنه الشيطان الأكبر ويصفها بأنها الضلع السام في مثلث الشر في هذا العالم!!
فزواج المتعة المؤقت يسمح بتجاوز مواقف القلوب لأنه لقاء معاشرة مؤقتة وليس زواجاً مخططاً للمستقبل البعيد.
السعودية تلقن إيران درس النفط مهما كلفتها هذه (الحصة) من خسائر فلديها ما يكفيها من مؤونة الشتاء والصيف لكنها تلقنهم هذا الدرس لأن حساباتها الاستراتيجية الآن هي حسابات أمنية من الدرجة الأولى فلو أغلقت بلوف النفط وقللت إنتاجها ليترفع سعر البترول فسينتعش إقتصاد تلك الدولة الطائفية المتربصة (إيران) وتتمكن من توفير الدعم اللازم لجماعاتها وأنظمتها الطائفية لزعزعة الإستقرار في بلاد العرب.
المعادلة أمنية وأزمة النفط اسمها الصحيح هو (حرب النفط) وهي حرب مشروعة بالنسبة للسعودية ودول الخليج التي تواجه تحديات أمنية كبيرة وتواجه مشروعاً طائفياً خطيراً تقوده دولة (الولي الفقيه) .
وزير المالية السوداني قال إن أزمة النفط من مصلحة السودان وكان عليه أن يقول إن أزمة النفط وتداعياتها هي جزء من أقدار المعركة التي يشارك السودان فيها، يؤثر ويتأثر طبعاً.. فالسودان حتى ولو وفر جزءاً من فاتورة استيراده للمواد البترولية بسبب انخفاض الأسعار فإنه يدفع الآن ثمن انخفاض أسعار النفط من خلال الأزمة القائمة حول رسوم العبور مع دولة جنوب السودان والتي تمضي في اتجاه إغلاق الجنوب لخط الأنابيب حتى لا يتحمل خسائر كما يقول فالسودان يكسب هنا ويخسر هناك.. مثله مثل الدول النفطية ومثله مثل السعودية نفسها تخسر هنا وتكسب هناك في ميدان المواجهة، تخسر جولة لتكسب المعركة بأكملها .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.