قشرة موز ..!
«الإصلاح والتجديد في السودان مثل قشرة موز على سطح صقيل .. لا نضطر إلى الحديث عنه إلا بعد السقوط» .. الكاتبة ..!
(1)
ما الذي يجمع السودان واليابان سوى انتهاء اسم كل منهما بحرفين متشابهين، ورحابة الانتماء الإنساني الذي لا فضل فيه لـ «»عرب/ أعجمي» على أعجمي إلا بالتقوى .. أبداً، لا شيء يذكر! .. أما «لماذا» فذاك هو الاستفهام التقريري المفروغ منه على غرار قوله تعالى (متى نصر الله).. دعك من سياسة الحكم في اليابان ومن اقتصادها العملاق وطفرته التي مكنتها من احتلال المركز الثاني في الاقتصاد العالمي، دعك من خيباتنا الاقتصادية، ومن أصحاب العاهات السياسية المستديمة أو القابلة للشفاء .. الفرق يكمن في الآتي: حق المواطن عندهم هو «مما لا شك فيه»، أما ذمة المسئول فهي «مما شك فيه» ونص وخمسة! .. والنتيجة صداقة قوية بين الدولة والمؤسسات، وسلوك حكومي قائم على آداب وأخلاقيات راسخة، أولها وأولاها أدب الاستقالة .. والأهم من ذلك كله إعلام يقظ ونزيه لا يجامل الحاكم والمسئول على حساب الوطن والمواطن ..!
(2)
التورية والالتفاف حول المعاني نهج صحافي سائد في الدول النامية – أو الأقل نمواً ديمقراطياً – حيث يُضيَّق الخناق على حرية التعبير، فلا يجد الكاتب مناصاً من تنوير القارئ بحقوقه حيناً، ومن توبيخه على إذعانه أحياناً، بلغة يجيدها كلاهما، ولا يفهمها ترجمان الحاكم .. لذلك يبقى الحديث عن أبعاد حرية التعبير والنشر في السودان شأناً يستوجب التفكيك قبل التركيب .. لا بد أن يتزامن مناخ الحوار والإصلاح والتجديد مع توجه قومي نحو «لبرلة» قانون الصحافة، و»تحديث» و»تحيين» روح التدابير الأمنية بشأنها، والتي ما عادت تواكب عصر سيادة الصحافة الاستقصائية ونبوغ المواطن الصحفي .. لا ينكر عاقل ضرورة المواءمة بين حماية الصالح العام وخصوصية الأفراد من جهة، وعدم المساس بحرية الصحافة من جهة أخرى، لكن المذهب البوليسي الذي أثبت فشله عالمياً وعربياً، لن ينجح من باب أولى عندنا، حيث تربط رجل الشارع بصحافة بلاده علاقة – عاطفية – شريفة، ومحبة عذرية متكافئة لا ولن ترضخ طويلاً لـ «عضل» ولي الأمر ..!
(3)
هل تعلم شيئاً ؟! .. المدهش حقاً هو انتحار دهشتنا من «اندياح» واستفحال بعض سادتنا المسؤولين الذين يتعاملون مع حق المواطن بطريقة سي السيد على «طبلية» الطعام! .. ومن انتشار تنميط الإعلام الموجه مع قسمةٍ سياسيةٍ ضيزي تحولت بمرور الوقت إلى ثقافة شعب .. ومن «استهبال» المخبر الصحفي الذي يجتهد في نقل تصريحات سياسية وخطب وزارية يصعب تلخيصها كما يصعب الاستماع إليها .. ثم ينبري بعد ذلك كله إلى تفسير إيماءات أصحاب المعالي والسعادة .. من قلقهم .. إلى اطمئنانهم .. مروراً بارتياحهم .. ومن تلميحهم .. إلى تسطيحهم .. إلى ظنونهم التي لا تغني من الحق شيئاً .. والنتيجة كوارث معيشية.. ومشكلة مصداقية .. ثم أزمة ثقة .. وشعب بات شعاره «أنا مالي» بعد أن «إتلسع» من الإنقاذ فبات ينفخ في الإصلاح ..!