ما هي جريمة ازدراء الأديان التي تهدد فناني مصر بالسجن؟
قضت محكمتان مصريتان، خلال أسابيع قليلة، بحبس إعلاميين هما إسلام بحيري وفاطمة ناعوت بتهمة ازدراء الأديان، كما تنازل الأزهر الشريف عن دعوى قضائية ضد المطرب الشعبي شعبان عبد الرحيم بالتهمة نفسها.
ومن قبل وجهت التهمة للمفكر الإسلامي نصر حامد أبو زيد والكاتبة نوال السعدواي والمخرجة المثيرة للجدل إيناس الدغيدي والكاتب سيد القمني والمطرب الشعبي حكيم الذي اتهم بازدراء الأديان، بعدما ظهر في أحد مشاهد كليبه الجديد “عم سلامة”، وهو يسند قدمه على حائط مكتوب عليه الآية القرآنية: “لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِين”، وأدت أغنية “الحسن والحسين” من فيلم “عبده موتة” للفنان محمد رمضان والراقصة دينا إلى اتهام الاثنين بازدراء الأديان.
لكن ما هي هذه الجريمة التي تهدد الفنانين والإعلاميين المصريين وما تفاصيلها؟ ومتى أدرجت ضمن قانون العقوبات المصري؟ وما عقوبتها؟
بداية لا يوجد لهذه الجريمة باب مستقل بقانون العقوبات المصري، لكنها تندرج تحت نصوص مختلفة تنظم حالات معينة يتعلق بعضها بطريق مباشر بالأديان وبعضها يتعلق به ولكن بطريق غير مباشر.
وأدرجت المواد الخاصة بالقانون في عهد الرئيس الراحل أنور السادات ومنها المادة 98 ووضعت عندما استخدمت الجماعة الإسلامية منابر المساجد للإساءة للدين المسيحي، فوضع السادات قانوناً يجرم به استخدام أي دين لسب دين آخر.
كما نصت المادة 98 على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تتجاوز الـ5 سنوات أو بغرامة لا تقل عن 500 جنيه ولا تتجاوز الـ1000 جنيه كل من استغل الدين في الترويج بالقول أو الكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار منطوقة بقصد الفتنة أو تحقير أو ازدراء الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي، فيما تنص المادة 161 على أن يعاقب بتلك العقوبات على كل تعد يقع بإحدى الطرق المبينة بالمادة 171 على أحد الأديان التي تؤدي شعائرها علناً. ويقع تحت أحكام هذه المادة كل من طبع أو نشر كتاباً مقدساً في نظر أهل دين من الأديان التي تؤدي شعائرها علناً إذا حرف عمداً نص هذا الكتاب تحريفاً يغير من معناه أو قدم تقليداً أو احتفالاً دينياً في مكان عمومي أو مجتمع عمومي بقصد السخرية به.
ونصت المادة 176: على أن يعاقب بالحبس كل من حرض على التمييز ضد طائفة من طوائف الناس بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة إذا كان من شأن هذا التحريض تكدير السلم العام.
من جهته، أكد أستاذ القانون الدولي وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، الدكتور أيمن سلامة، لـ”العربية.نت”، أن ازدراء الأديان يعد اعتداء على قدسية الاعتقاد الديني، والإساءة للدين وللرسول، ومهاجمة العقيدة بالباطل. ولا يختلف الأمر إذا قام بالفعل من ينتمون للطائفة الدينية ذاتها، أو من لا يعتنقونها. ويعد ضرباً من ضروب الازدراء والتحقير للأديان السماوية مهاجمة السنة والإساءة للصحابة وإلصاق الاتهامات الجزافية للصحابة وآل البيت.
وقال سلامة إن القانون يعرّف جريمة ازدراء الأديان بأنه احتقار الدين أو أحد رموزه أو مبادئه الثابتة أو نقده أو السخرية منه، لأن مثل هذه السلوكيات تثير الفتن. ومن هنا فإن الهجوم بأي شكل على كل ما يتعلق بالدين يعتبر ازدراء ولا يسمح به، والقانون يعاقب عليه.
كذلك أضاف أن المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ضمنت الحق في العقيدة وحرية التعبير من بين الحقوق الأساسية والحريات العامة للإنسان. ولذلك فإن المواثيق والقرارات الدولية التي صدرت عن منظمة الأمم المتحدة، أولت الخصوصية الثقافية والدينية والاجتماعية للمجتمعات المختلفة الاعتبار والعناية، حيث قرر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عام 2008 حظر مجاوزة الأفراد للحدود القانونية للحق في التعبير. كما قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة بناء على طلب مصر ودول المؤتمر الإسلامي تقييد حرية التعبير بما يتفق مع خصوصيات كل مجتمع والقوانين السائدة فيه ومراعاة واحترام وتوقير العقائد الدينية.
العربية