منوعات

هذه أسوأ أيامي.. رسالة طفل سوري يروي معاناته لملك السويد ويطلب مقابلته

“لم أعد قادراً على الذهاب إلى المدرسة هناك، أستاذي قتل برصاصة، قتلوه أمامنا، كنت هناك، وأخي أيضاً، والكثير من أصدقائي شهدوا الحادثة، كانت لحظات لا يمكنني نسيانها، كانت أسوأ لحظات حياتي”

بهذه الكلمات حاول أحمد نقل جزء مما عاشه في مدينة حلب السورية للملك السويدي كارل غوستاف السادس عشر، أحمد والبالغ من العمر 12 عاماً كتب رسالة طويلة ساعده فيها مسؤول الخدمات الاجتماعية “بوجا شرفي” على أمل اللقاء بالملك السويدي كي يحدثه عمّا عاشه في بلده، وعن رحلته القاسية والطويلة نحو السويد.

حلم منذ الصغر

وصل أحمد إلى السويد في شهر سبتمبر/ أيلول 2015 بصحبة عائلته، وكان واحداً من 163 ألف لاجئ استقبلتهم السويد العام الماضي، يسكن أحمد حالياً في مدينة مالمو جنوب غرب السويد ويذهب يومياً لتلقي دروسه في مدرسة Sofielundskolan .

وفي لقائه مع راديو السويد يقول أحمد بأنه بات اليوم يعلق آمالاً كبيره على لقاء بالملك واصفاً إياه بأنه شخص كريم ويحب الأطفال، هو فقط يريد أن يروي له قصته، أحمد لا يعرف عن الملك إلا أن اسمه غوستاف ويبلغ من العمر 69 عاماً، لكنه يقول بأنه كان يحلم بمقابلة ملك منذ كان صغيراً.

لم يتلق أحمد حتى الآن رداً على رسالته التي أرسلها يوم الثلاثاء 2 شباط/ فبراير 2016، فيما قامت مدرسته بإنشاء صفحة على فيسبوك بعنوان رسالة إلى الملك في محاولة لدعم حلم أحمد ولزيادة فرصه في الحصول على المقابلة.

فيما علقت “Margret Thorgren” مديرة العلاقات العامة في القصر الملكي لصحيفة “Expressen” بأن التعامل مع الرسائل الموجهة للعائلة الحاكمة يتم وفقاً لجدول مواعيدهم وروتين حياتهم اليومية، مارغريت لم تستبعد قيام الملك بزيارة لمدرسة أحمد في مالمو أيضاً.

قصة الرسالة

يروي “بوجا شرفي” 29 عاماً مستشار الشؤون الاجتماعية في مدرسة Sofielundskolan لصحيفة “Thelocal” كيف ساعد أحمد في إرسال الرسالة إلى القصر الملكي، في اجتماع مع التلاميذ سألتهم عما يدور في أذهانهم.

يقول بوجا “أحمد قال لي حينها إنه يرغب بالحديث عن رحلته التي بدأت من سوريا، وأنه يتمنى أن يقصها شخصياً على الملك وأنه بالفعل يملك عنوان البريد الخاص بالقصر الملكي في العاصمة ستوكهولم، شجعت أحمد على كتابة الرسالة، كتبها أحمد باللغة العربية، فيما ساعدني أحد زملائي في ترجمتها إلى السويدية قبل إرسالها”.

“بكيت عندما قرأت الرسالة أول مرة” يقول بوجا، “كانت الرسالة مليئة بمشاعر الحزن وصف فيها أحمد حياته السابقة، ورحلته إلى السويد، وكيف تغيرت حياته.

هناك العديد من القصص التي يجب علينا سماعها يتابع بوجا، أعتقد أن سماع قصص الأطفال الواصلين حديثاً والإصغاء إلى آلامهم ورغباتهم سيخلق فرصة حقيقية لهم في تجاوز مشكلاتهم النفسية التي خلفتها الحروب”.

نص الرسالة

مرحباً جلالة الملك غوستاف، اسمي أحمد وعمري 12 عاماً، جئت إلى السويد برفقة أبي وأمي وأخي، لقد كنا نعيش في منزل جميل مليء بالفرح في مدينة حلب السورية، والدي كان يمتلك مصنعاً ومحلات لبيع ملابس الأطفال وسيارة، وكنا نعيش بسعادة حتى بدأت الحرب وخيم علينا صوت الصواريخ ومشاهد الخوف، احترق مصنع والدي والفرح الذي كنا نعيشه توقف.
لم أعد قادراً على الذهاب إلى المدرسة هناك، أستاذي قتل برصاصة، قتلوه أمامنا، كنت هناك، وأخي أيضاً، والكثير من أصدقائي أيضاً شهدوا الحادثة، كانت لحظات لا يمكنني نسيانها، كانت أسوأ لحظات حياتي.
أذكر تماماً عندما دخل والدي إلى غرفته ليخبر والدتي بأن مصنعنا احترق وكيف انهارت باكية، وأنهم قرروا السفر حفاظاً على سلامتنا، حينها أسوء أيام حياتي بدأت، في وقت مبكر من صباح يوم سبت ذهبنا إلى تركيا، وغادرناها على متن قارب مطاطي، كانت رحلة مخيفة، كان الظلام دامساً والماء في كل مكان حولي، لا أخفيك أني شعرت بالرعب، فالناس كانوا يصرخون والأطفال يبكون طوال الوقت، إلا والدي، كان دائماً ينظر لنا ويبتسم في محاولة منه لتهدئتي وأخي، الوضع كان صعباً جداً، أكثر مما كنت أتوقع، حينها حدثت نفسي، أين أنا؟ ما الذي حدث لنا؟ أين بيتي ولعبي؟
وصلنا بعدها إلى جزيرة، واقتادتنا الشرطة إلى مكان اكتشفنا أنه أسوأ من الزورق الذي سافرنا به، الحشد كان كبيراً والرائحة كانت لا تطاق، كان علينا البقاء هناك إلى أن أفرجت عنا الشرطة، بعدها قضينا 15 يوماً على الطريق، بلا مأوى ولا رعاية، لقد كانت أسوأ أيام حياتي أيضاً، ووالداي كانا في قمة حزنهما واكتئابهما، كنت دائماً أغرق في البكاء، لكن بعيداً عن والدي، لم أكن أرغب في زيادة حزنهما، أمي أيضاً كانت تبكي، هي أيضاً كانت تحاول الاختفاء عندما تبكي كي لا يراها أحد، لكن أنا رأيتها، لقد سحقت قلبي.
بعدها وصلنا إلى السويد، الآن أريد أن أجتمع بالملك لأخبره قصتي، لقد سمعت بأنه ملك نبيل، لقد اشتريت ملابس جديدة، سأرتديها عندما ألتقيه.
نحن الآن نعيش مع عمتي في غرفة صغيرة بدلاً من منزلنا الكبير، في كل صباح أحزن لرؤية والدي واقفاً أمام النافذة، لا يستطيع فعل شيء، لذلك أتمنى أن التقي بك.
أتمنى أن أراك عندها سأرتدي ملابسي الجديدة التي اشتريتها في طريقي إلى السويد.
بإخلاص
أحمد 12 سنة
مالمو

huffpostarabi