الطيب مصطفى

في دولة المشروع الحضاري: إمام المسجد فرّاش!!!

صُدمتُ عندما قرأت عن قيام بعض الولايات ومنها الخرطوم بتسكين بعض أئمة المساجد في وظائف عمال نظافة وفراشين!
الخبر الذي صدر من رئيس شعبة القوى العاملة بمجلس تشريعي الخرطوم محمود أحمد داؤود، أكد أن ذلك لا يقتصر على ولاية واحدة، إنما بات سلوكاً راتباً في عدد من الولايات، وأن ذلك الظلم الفادح يشمل الإمام والمؤذن، وتصرف مرتباتهما من وزارة الصحة، مشيرًا إلى أنه في كثير من الولايات لا يوجد مسمى لوظيفة إمام مسجد بل إن بعض الأئمة يتقاضون مرتباً شهريا يبلغ (250) جنيهاً على وظيفة عامل نظافة مؤقّت!
يحدث ذلك في دولة (المشروع الحضاري) التي تعلن حكومتها صباح مساء أنها ما جاءت إلا لتحكيم شرع الله!
عندما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كان أول ما قام به قبل أن يبني مسكنه الخاص أن أقام مسجده، ولا خير في دولة بل لن يبارك الله في دولة لا تحتفي وتهتم بعلمائها وبأئمة بيوت الله تعالى.
لا نزال نذكر كيف فُرضت فاتورة الكهرباء بل وزيدت فاتورتها على المساجد بالرغم من أن الدولة قد اعتدت على كثير من الأوقاف الإسلامية التي يحرم عليها المساس بها، وفشلت كل الجهود التي بُذلت والقرارات التي اتخذت في سبيل استرجاع الأوقاف المحلية والخارجية خاصة في المملكة العربية السعودية للوزارة المعنية.
لو وُظّفت الأوقاف واستُرجع ما سلب منها لما احتاج الأئمة لدعم من الدولة، ولكفى ريعها العاملين في خدمة بيوت الله ولأصلح من شأنها.
صحيح أن المساجد والحمد لله تكاثرت في العاصمة والولايات حتى على مستوى القرى، وهذا لا ينكره إلا جاحد، لكن لا فائدة كبيرة من وجود المساجد بدون أئمة مؤهلين ولن تجد المساجد أئمة علماء وخطباء أصحاب تأهيل جيد يقودون منها الدعوة إلى الله ما لم توفر لهم المخصصات التي تسد حاجتهم وأسرهم حتى يتفرغوا للدعوة ويؤثرون في المحيط الجغرافي لمساجدهم.
على الدولة أن تتذكر قول الله تعالى(الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ).
إني لأرجو من رئيس الجمهورية أن يوجه بإجازة مشروع قانون المجلس الأعلى للدعوة والإرشاد الذي تأخر كثيرًا في وقت يدفع فيه بالقوانين الأخرى وتجاز في يوم واحد!
شارع السيد عبدالرحمن
من يمر بشارع السيد عبد الرحمن المهدي إلى الغرب من فندق ريجنسي (المريديان سابقاً) ربما يظن أن زلزالاً قد دهم تلك المنطقة التي تتوسط مدينة الخرطوم بل هي القلب النابض وهي من أكثر المناطق ازدحاماً بالحركة خاصة خلال ساعات الذروة.
لو قيل لك أين مركز الخرطوم فلن تجد غير منطقة السوق العربي المحيطة بشارع السيد عبدالرحمن الذي تعرض في تلك البقعة تحديداً لحملة تحطيم وتكسير وحفر وتشويه لا أظن أن شارع أسفلت في كل هذا السودان الكبير العريض قد شهدها.
عجبتُ أن الإهمال بلغ درجة أن تظل حفرة عميقة يحيط بها ترابها المكوم حولها جراء عملية إصلاح لماسورة مكسورة .. أن تظل فاغرة فاها بينما السيارات تمر حبوًا عن يمينها وشمالها ولا أحد من المسؤولين يبالي، فقد اعتدنا على هذه الحال وأدمنا التشوّه والقبح، وما عدنا نكترث بعد أن انشغلنا بمشكلاتنا الحياتية الأخرى.
لو هطلت أمطار لمدة خمس دقائق تتحول كل عاصمتنا إلى مستنقع كبير من العفن والنتن، ولا نملك غير أن نتحسر بقلب موجوع عندما نتذكر ما شهدناه في مدن أوروبا وقراها الصغيرة منذ شبابنا الباكر منذ نحو أكثر من 40 عاماً كيف تصب الأمطار مدراراً بالليل والنهار ولا ترى لها بعد دقيقة واحدة من توقفها أثرًا ولا تشهد حفرة صغيرة أو كبيرة في أي من شوارعها.
أرجو من معتمد الخرطوم ولا أقول واليها أن يتكرم بالمرور في هذا الشارع تحديدًا ليرى الدمامة والقذارة في أعظم تجلياتها وشواهدها ولا أطالبه بأكثر من ذلك، فقد تدنّت طموحاتنا خاصة وأن الولاية كلها في حالة بيات شتوي منذ أن غادرها واليها السابق ربما بسبب بداية العام الذي أعقب اتنهاء الصرف على موازنة العام المنصرم.