ممتاز.. يوبيلك الذهبي
“أنت شاب، وفي مقتبل العمر؛ وتشغل حالياً منصباً قيادياً مرموقاً في الحزب الحاكم، وهذا يعضد من القول السائد بأن النظام بدأ يجدد دماءه، وأننا مقبلون على ربع قرن آخر من حكم المؤتمر الوطني”؟ كان هذا هو السؤال الأخير الذي دفع به خالد الإعيسر – عن صحيفة القدس العربي اللندنية – إلى حواره مع حامد ممتاز – الأمين السياسي للمؤتمر الوطني، فجاءت إجابة (ممتاز) على نحو من “نحن كحزب في الساحة السياسية لدينا وثيقة إصلاح داخل الحزب وبموجبها جددنا سياسات الحزب وقياداته استعداداً للمراحل المقبلة، نحن كما الأحزاب الأخرى ننافس على الحكم، فإذا ارتضانا الشعب سنأتي من جديد للحكم، ليس فقط لـ 25 عاماً بل من الممكن 50 عاماً، ولكن بكل تأكيد في إطار قبول الشعب في المرحلة المقبلة، فلا داعي للخوف”.
إلاّ أن بعض الصحف المحلية – اختارت – ولها الحق فيما تختار، بالتأكيد، أغفلت نحو (40) سؤالاً (مجمل الحوار)، لتبرز الأخير ربما لأنه تحدث عن إمكانية استمرار المؤتمر الوطني في حكم البلاد لـ 25 عاماً آخر، وكأن ممتاز جاء أمرًا إدّا وغرد خارج سرب حزبه، فيما الحقيقة أنه هوّن الأمر كثيرًا وخففه، مقارنة بما ظل يردده قادة كبار في الحزب الحاكم، بأنهم سيعضون على السلطة بالنواجذ ويظلون متشبثين بها إلى أن يُنفخ في الصور فيفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه.
ما لفتني في هذا التصريح (أب خمسين)، أن ممتازًا أخفق حيث ظن العكس، فحين حاول تبرير ما ذهب إليه ( ليبراليًا وديمقراطيًا)، استخدم عبارات ملتوية يمكن إيجازها في “يمكننا البقاء 50 عامًا، ولكن في إطار قبول الشعب، فلا داعي للخوف”، وبطبيعة الحال، فإن البقاء في الحكم لأكثر من دورتين انتخابتين (عشر سنوات) على الأكثر – لا يجوز بالمنطق الديمقراطي، الذي هو (قبول الشعب) بعبارة الأمين السياسي للحزب الحاكم.
نحوّا عنكم كل ذلك جانبًا، وأوغلوا في الحوار، فعن العلاقات مع إيران قال الرجل “لم يكن السودان حليفاً لإيران، وإنما هي علاقات دبلوماسية عادية في إطار التواصل السياسي”. وعن الحوار الوطني قال: “عقدنا إحدى عشرة جلسة في أديس أبابا وتمت مناقشة كل القضايا، واتفقنا على الكثير منها حتى بلغنا نسبة 80%، ولكن عادت الحركة الشعبية وألغت ما تم الاتفاق عليه، وهذا هو دأبهم، لا يرغبون في تحقيق السلام ولا رفع المعاناة”.
والحال هذه، لا ينبغي عليَّ أن أحرمكم من متعة التأمل في إجابات (ممتاز)، بل من واجبي أن أجعلكم تتمرغون فيها، ومن أجل هذا إليكم هذا السؤال وتلك الإجابة: “أليس من الأفضل لكم كسودانيين حريصين أخلاقياً على مصالح الأمة السودانية، وهكذا تتحدثون عادة، بأن تترجلوا لكي تتقلّد الحكم وجوه وطنية جديدة، تكون مقبولة للمجتمع الدولي وتتبوأ المسؤولية بدلاً منكم، وبدلاً من أن تبقوا هكذا علة للشعب السوداني ويبقى السودان في دوامة هذه المعاناة؟ فكانت الإجابة ” دعني في هذا أسألك، إذا ترجلنا اليوم هل ستحل كل قضايا السودان غداً؟ أم أن هذا الترجل يمكن أن يتم في حال قيام الدولة التي تُدار بإجراءات دستورية على أن نعرض نحن أنفسنا للتصويت”.
ولكم جزيل الشكر ولممتاز تهانئنا الحارة مقدمًا على (اليوبيل الذهبي).