رئيس مجمع اللغة العربية : البروفسيور عبد الله الطيب كان يحلم بتطوير اللغة هل اصطحبت معك أحلام البروفيسور باعتبارك تلميذه وأنت تجلس على سُدة رئاسة المجمع؟
أنشئ مجمع اللغة العربية بقرار جمهوري في عام 1990م، وأسندت رئاسته اولاً للبروفيسور عبد الله الطيب «1990 ــ 2002م»، ثم تولى رئاستة البروفسور على احمد محمد بابكر، ثم خلفه البروفيسور حسن بشير صديق. ويضم المجمع عدداً من الدوائر وهي: «اللغويات والمعاجم التحقيق ــ اللغة العربية واللغات المحلية بالسودان ــ اللغة العربية ومناهج التعليم في جميع المراحل ــ اللغة العربية ومنابر الأعلام ــ الترجمة والمصطلحات ــ المكتبة ــ اللغة العربية والحاسوب ــ الأدب ــ العلوم التطبيقية ــ اللغة العربية واللهجات في السودان»، ويرأس هذه الدوائر نخبة من العلماء الاجلاء. ويعمل المجمع على تأليف واعداد ونشر المعاجم المختلفة وتحقيق ونشر كتب التراث في مجال اهتمامه، وفي مجالات اللغة والعلوم والعلوم المختلفة، كما يصدر المجمع مجلة علمية محكمة، ويعمل على طباعة سلسلة كتب دورية.
في هذا الحوار التقينا بالبروفيسور حسن بشير صديق رئيس مجمع اللغة العربية، ليحدثنا عن دور المجمع في النهضة باللغة العربية وعلومها، وعن المشروعات المستقبلية للمجمع، كما تطرق الحوار الى قضية التعريب والمناهج التعليمية وعدد من المحاور.. فإلى إفاداته.
> تقام لديكم هنا في المجمع ندوات شهرية، هل هنالك مجال لتوسيع دائرة الندوات لتكون أسبوعية؟
< التفكير وارد، لكن نريد أن نعمل عملاً يمكن الاستمرارية فيه ويمكن ترتيبه وتنظيمه، واذا اُتيحت الظروف والسوانح سنخطط لأزمان متقاربة أن شاء الله.. ونحن لدينا اجتماع شهري بصورة دورية لمكتب المجمع، ونناقش فيه القضايا الخاصة بنهضة اللغة العربية تأصيلاً وتطويراً ومواكبة للعصر من خلال دوائر علمية متخصصة ومن خلال اعضاء متخصصين في تخصصات مختلفة في اللغة العربية. وفي كثير من المرات تكون عندنا ايضاً محاضرة ثقافية غير الاجتماع الدوري.
> هل هنالك مشكلة مال أو تمويل تواجه عقد الندوات أو بعض الفعاليات بالمجمع؟
< هذه المشكلة المالية قائمة، لأن اعتمادنا في الأساس على ما تخصصه الدولة للمجمع في ميزانياتها المختلفة، وما تخصصه الدولة دون المطلب ولا يُلبي الاحتياجات بالصورة الصحيحة التى نأمل أن نقود فيها نهضة باسم مجمع اللغة العربية باسم الوطن على أنه وطن عربي اسلامي ينتمي الى هذه اللغة والى هذه الثقافة، ونأمل أن تُعالج هذه المسائل لأن المسؤولين يتفقون معنا في هذا التوجه النهضوي الخاص باللغة والثقافة.
> المشهد العام في كثير من مواقع التواصل الاجتماعي واللافتات نلاحظ فيه الكثير من الغلطات وكأنها تُنبئ بأن هنالك أزمة في اللغة العربية.. ما تعليقكم؟
< في مواقع التواصل الاجتماعي وفي الحياة العامة وفي مواقع كثيرة أحياناً يظن فيها الإنسان غير ذلك، لكن كل هذه الموضوعات تحتاج الى دراسة وتوجيه واشراف والى بدائل، والجوانب الخيرة فيها نأخذها.. مثلاً في اللهجة ناهيك عن مواقع التواصل الاجتماعي، أحياناً يحدث فيها نوع من انبهارات البيان، ولو أننا خصصنا اللغة العربية للتعليم والثقافة والبحث العلمي لا نخاف من ذلك، لكن مشكلتنا يجب أن تُعالج في التعليم والإعلام وفي البحث العلمي.
> الى اي مدى تشعر بالمسؤولية تجاه اللغة العربية من موقعك الحالي؟
< عندما تم تعييني في هذا المكان أنزعجت انزعاجاً شديداً لهذا الموضوع، لأن الإنسان يشعر بمسؤولية كبيرة جداً عندما يقود عملاً مرتبطاً بمصير وفكر الأمة، ومرتبطاً بحفظ النص القرآني.. لكن نحن لا نألو جهداً، وسنجتهد ونخطط ومعنا كوكبة من اخواننا في مجلس مجمع اللغة العربية من الأعلام الكبار أمثال يوسف الخليفة أبو بكر والحبر يوسف نور الدائم وحسن أبو عائشة ومصطفى الفكي. وإن شاء الله مع بعضنا وبترتيبات جادة غير متواكلة نحاول أن نأصل ما أستطعنا، ونحاول أن ننهض ما استطعنا، وأن نقدم شيئاً باسم السودان للأمة العربية والإسلامية، وأن نربط هذا بالنص القرآني.
> كم عدد أعضاء المجمع؟ وهل يضم كل علماء اللغة العربية؟ ومن هم أبرز العضوية؟
< هم أربعون عضواً في مجمع اللغة العربية، منهم عشرة أعضاء من الخارج أعضاء دوليون مؤازرون حتى الآن لم يُعينوا، وفيهم أعضاء شرف، فقد شعرنا بأن هناك كوكبة من الأساتذة الكبار لهم أثر كبير على النهضة باللغة العربية وعلى ترسيخها وخدمتها، ولكن ظروفهم الصحية وظروف الكبر في السن لا تمكنهم من حضور اجتماعات في المجمع والتفاعل مع أعمال مختلفة للنهضة باللغة العربية، فقررنا أن يكونوا أعضاء شرف في هذا المجلس. وقدمنا من بينهم ثلاثة في ندوة الشهر الماضي وهم البروفيسور عز الدين الأمين الأستاذ المتميز في جامعة الخرطوم، والأستاذ الدكتور صالح آدم بيلو بجامعة أم درمان الإسلامية، والأستاذ الدكتور أحمد البيلي. وقلنا سنبدأ بهم إن شاء الله كأول كوكبة من أعضاء الشرف تدخل المجمع، وذلك تقديراً لنتاجهم وعطائهم في هذا الميدان.
> ما هي مشروعاتكم المستقبلية لخدمة اللغة العربية؟
< الآن لدينا مشروع كبير هو مشروع «مُدونة اللغة العربية من النص القرآني» وفيه حوالي ثلاثة ملفات. وهذه المدونة ستُفصّل وتُعرّف بجزئيات اللغة العربية في حروفها وأسمائها وأفعالها وتصريفاتها واستخداماتها المختلفة مرتبطة بالنص القرآني، حتى نكون شاركنا بصورة من الصور في حفظ النص القرآني، والله هو الحافظ للنص القرآني. ولكن نحن نفعل أشياءً تمكن من الحفظ.
وهنالك مشروع آخر بالاتفاق مع وزارة التربية والتعليم وهو «معجم الأساس» لطالب الأساس، وهو معجم صغير يحتوي على اية كلمة يدرسها الطالب في اية مادة سيجد الاجابة عنها وفق النظم. وكذلك معجم الثانوي على ذات النسق لمعجم الاساس. ونأمل أن ترى النور قريباً في ما نستقبل من سنوات.
> البروفسيور عبد الله الطيب عليه الرحمة كان يحلم بتطوير اللغة.. هل اصطحبت معك أحلام البروفيسور باعتبارك تلميذه وأنت تجلس على سُدة رئاسة المجمع؟
< موضوع التفكير في خدمة اللغة العربية ونهضتها من الخرطوم كان في الأساس لأستاذنا عبد الله الطيب، وكان يحلم بأن نُؤدي دوراً من العلم السوداني متقدماً بالنسبة لزملائنا في البلدان العربية، وإن شاء الله سنحقق هذا الحلم من خلال مشروعاتنا، لكن مادام ذكرنا هذا التأسيس، فلا بد أن أذكر شخصاً مهماً جداً كان قد ساعد أستاذنا عبد الله الطيب في تأسيس هذا المجمع، هو الأخ الصديق الأستاذ الدكتور جعفر ميرغني، فهو قد كان اليد اليمنى للبروفيسور، ومن بين الإنجازات التى انجزها الدكتور جعفر ميرغني اختيار هذا الموقع للمجمع «قال لي ذلك البروفيسور عبد الله الطيب بنفسه». ونحن من هنا نُزجي له التحايا ونقدر ما فعله في إنشاء مجمع اللغة العربية بالخرطوم، ونرجو منه ومن أمثاله العون في تنفيذ سياسات المجمع وفي أداء رسالته.
> البعض يُشكك في الهوية السودانية كونها عربية.. ما تعليقكم ؟
< هذا كلام غير صحيح وغير مؤسس، نحن أصحاب دور في إفريقيا أكثر من الدول العربية الأخرى، لأنه إذا كان الموضوع قوة الشخص بإمكانية التأثير باللغة العربية في البلاد الإفريقية فالسودان أكثر البلاد العربية تأهيلاً للأفق الإفريقي بأن يؤثر فيه هذا التأثير البالغ. وهذا الموضوع ليس على اطلاقه.. وحتى أستاذنا عبد الله الطيب عندما كان عضواً في مجمع اللغة العربية في القاهرة كان من ألمع الأساتذة الموجودين هناك قاطبة من البلاد العربية المختلفة، ويمكن أن يكون الأستاذ الفذ الذي قد حضر اية دورة في مجمع اللغة العربية في القاهرة وقدم بحوثاً مميزة، وأنا جمعت بحوثه التى قدمها في مجمع اللغة العربية بالقاهرة في كتاب كبير منشور في الدار السودانية للكتب فيه حوالى اربعين بحثاً قدمها هناك، وتُليت بمناقشات من أعلام كبار أمثال الدكتور طه حسين والعقاد وإبراهيم مدكور وكمال بشر، وكلهم يشيرون إشارات استثنائية بأن عبد الله الطيب شخص استثنائي على نطاق الوطن العربي.
> في ختام حوارنا معك بروفيسور حسن.. ماذا تود أن تقول؟
< نوجه رسالة لكل الأمة وندعو كل العرب لتبني مشروع اللغة العربية كمشروع قومي، ولكل القوى الوطنية في كل البلاد العربية وفي بلدنا السودان خاصة، بأن يتبنوا مسألة التعريب، وأن يضغطوا بذلك على الجهات المختلفة، ونريد لهذا المطلب أن يظهر في وثيقة الاتفاق الوطني، ونريد من إخواننا في الحوار الوطني أن يعتمدوا اللغة العربية اللغة الجامعة لأهل السودان، وأن يكون ذلك من مخرجات الحوار، وأن يتفقوا على ذلك، وأن يكون ذلك مطلباً شعبياً، الحزب الحاكم والمعارضة، لأن قضية اللغة قضية الأمة وهويتها وليست مجال مساومات.الانتباهة