زهير السراج

مواكب المُخرجَات !!

* كل الخوف أن تكون المحصلة النهائية للحوار، مسيرات ومواكب كالتي عطلت مصالح العباد، وسجنت الناس في شوارع الخرطوم، أول أمس، لمدة خمس ساعات كاملة لتسليم (مُخرجَات) الحوار المجتمعي لولاية الخرطوم للسيد الرئيس.. فالناظر للحشد والإحتفاء الكبير والكلمات التي قيلت يعتقد ان هذه (المخرجات) هي الغاية أو النهاية السعيدة في حد ذاتها، وليس تطبيقها ووضعها موضع التنفيذ!!
* ذكرني هذا الاحتفاء الكبير، بالإحتفالات الضخمة التي تقيمها أندية وجماهير كرة القدم في بلادنا، عندما يتأهل فريقا (الهلال والمريخ) لدور الـ(16) أو الـ(8)، في مسابقة الأندية الافريقية لكرة القدم، وكأن المسابقة انتهت وحصل الفريقان على درع البطولة، بينما هي لا تزال في الأطوار الأولى، وعندما تسخن وتصل إلى الأدوار النهائية يسقط الفريقان.. ولقد ظللنا على هذا الحال سنوات طويلة بدون أن نتذوق طعم النصر، وأخشى أن يحدث لنا نفس الشيء في مؤتمر الحوار الوطني والحوارات المجتمعية للولايات، فنظل كلما انتهت ولاية من حوارها المجتمعي، أو انتهى الحوار الوطني، ندق الطبول ونخرج في المواكب الهادرة لتسليم المُخرجَات وتنتهي المنافسة عند هذا الحد!!
* الاحتفاء بمثل هذه التوصيات أو (المخرجات)، يكون بتحويلها إلى تشريعات وقوانين وإلى واقع، يراه الناس على الأرض، وليس بدق الطبول وحشد الناس في مواكب لتسليم واستلام (أوراق) لا يعرف الناس ماذا فيها وماذا تقول، وإن كان لا بد من الإحتفاء، فكان من الأجدى عقد جلسة في المجلس التشريعي للولاية (في حالة الحوار المجتمعي) أو المجلس الوطني (في حالة الحوار الوطني)، يحضرها النواب وتنقل على الهواء للمواطنين وتتلى التوصيات ليتعرف عليها الناس ثم تُسلم الى الرئيس أو الشخص المسؤول الذي يتعهد بتنفيذها أمام النواب وجماهير الشعب التي تتابع الجلسة عبر الإذاعات وشاشات التلفزيون، وهي تجلس بهدوء في منازلها حتى تستوعب تفاصيل الحدث وتفهم ما يدور، فهذا أجدى بكثير من حشد مجموعة من العاملين والطلاب في مسيرة ثورية تنتهي بالهتافات والزغاريد، وإذا سألت أحدهم عن (المُخرجَات) أو سبب المناسبة لا يعرف بماذا يجيب، فضلاً عن إهدار الأموال وتعطيل مصالح الناس وحبسهم في الشوارع!!
* بقى تعليق صغير على كلمة (مُخرجَات) التي تعني في الغالب الأعم، مواد ضارة أو غير نافعة، وكان الأفضل استخدام كلمة (توصيات) أو (مقررات) التي تستخدم في مثل هذه الحالات ويفهمها كل انسان، إلا إذا كان القصد تفادي هذه الكلمات التي لا يحبها شعب السودان بإعتبار أن جل (المقررات والتوصيات) للمؤتمرات السابقة انتهى بها الحال الى سلة المهملات، فجاءت كلمة (مخرجات) كبديل جديد لم يألفه الشعب ولا يشعر تجاهه بذلك الانطباع السيء لمقررات وتوصيات مؤتمرات (الانقاذ)، ونسأل الله ألا يكون مصير المُخرجَات كمصير المقررات!!
(صحيفة الجريدة)