عبد الجليل سليمان

تركيز قمحي وضخ درهمي


وزارة المالية والبنك المركزي يأتيان مُجددًا، بما لم تأت به الأوائل، فالأولى قالت إنها أعلنت وبعد التشاور مع وزارة الزراعة أن سعر التركيز لشراء الإنتاج المحلي من القمح من المزارعين للموسم 2016-2015م سيكون بواقع 400 جنيه للجوال الذي لا يقل عن مائة كيلو جرام خالٍ من الشوائب، بحسب المواصفات التجارية عبر البنك الزراعي تسليم المخازن. أما وزارة الزراعة فقالت: إن الهدف الأساس من سعر التركيز هو دعم المُنتِج من أجل استمرار العملية الإنتاجية وبناء مخزون كاف من الحبوب واحتياطي للمطاحن بهدف تقليل الاستيراد وتوطين إنتاج القمح مما يؤثر إيجاباً على الميزان التجاري.
أعياني البحث عن معنى المصطلح (سعر تركيزي)، فذهبت أجول في كل الدوريات الاقتصادية العالمية والإقليمية، ولم أجد له معنى، لكنني بعد لأي وجهد وصبر شديد عرفت أن المالية والزراعة تعنيان به (السعر التشجيعي).
بطبيعة الحال، أجدني مشجعًا لهذا الأمر، لكن على الوزارتين أن لا تعتمدان عليه كأساس لزيادة الإنتاج لأنه ببساطة لا يمكن أن نزيد إنتاجية القمح بهذه الطريقة، ولذلك على المالية والزراعة أن ترتكزان على برامج وخطط واضحة لتحقيق هدفهما إذا كانتا بالفعل تهدفان إلى تقليل الاستيراد وتوطين إنتاج القمح، وأول خطوة في هذا الصدد هي تعريف المزارعين بالأصناف الحديثة وأهميتها في زيادة الإنتاج، وهذا يحتاج إلى تفعيل الإرشاد والبحوث الزراعية، يلي ذلك مباشرة التدريب العملي للمزارع على رأس الحقل على كيفية تطبيق التوصيات الفنية لزراعة محصول القمح بأساليب حديثة ومختلفة، ثم الالتزام باستخدام التقاوى الجيِّدة والمُعتمدة، مع اعتماد طرق الزراعة الحديثة مثل استخدام آلات التسطير لما لها من مميزات كبيره في زيادة الإنتاج بجانب الاهتمام بعملية التسميد والقصاء على الحشائش والآفات الضارة في المواعيد المناسبة من عمر النبات، والاهتمام باستخدام الآلات الحديثة في الحصاد لتقليل الفاقد, وتجربة (نيكاراغوا) في الصدد مبذولة لمن يريد محاكاتها.
ذاك، ما يتعلق بالمالية مضافة إليها الزراعة، أما المركزي فأمره عجب، إذ نشرنا في عدد أمس من صحيفتنا هذه على لسان محافظه عبد الرحمن حسن، أن مؤسسته ضخت (35) مليون درهم إماراتي تخصص للصناعات الدوائية، فأخذني العجب وأمسكت الدهشة بخناقي، حيث المُعتاد أن تبذل هذه الأرقام إما بالعملة المحلية أو بالعملات العالمية كالدولار والإسترليني، ثم يوضح من بعد أنه – أي المبلغ – المصخوخ في الدواء، (هدية) من الإمارات الشقيقة، بما يعادل كذا من دراهمها، وأنا لا استهجن أقوال محافظ المركزي الدرهمية، بل أُبدي دهشتي كوني (مسكين) لم أسمع بهذا من قبل، كما لم أسمع بتركيزي المالية.
أما بعد، فإننا ننتظر – وهذا هو الأهم – نتيجتي الضخ الدرهمي والتركيز القمحي، والتوطين الدوائي والغذائي، وإلا فإن المالية والزراعة والمركزي، يشيلوا شيلتهم مع المواطنين، لأنهم لم يعودوا يحتملوا من إذا وعد أخلف.