مقابر علي الطريق !!
* كتب الزميل حيدر المكاشفي في عموده المقروء(بشفافية) بالزميلة(التغيير) عن حادث انقلاب عربته في أحد الطرق داخل الخرطوم ليلاً، بسبب (كوم تراب) تُرك على الطريق بدون أية علامة ضوئية تنبه السائقين لوجوده، وهو ما يقود للحديث عن قواعد السلامة العامة التي نفتقد إليها في كل جوانب حياتنا خاصة على طرق المرور، وإهمال الدولة والناس لها رغم وجود القوانين التي تعاقب على ذلك، ولكنها معطلة ومهملة، مثل كل القوانين الأخرى التي تحمي من المخاطر!!
* الأمثلة كثيرة ومتنوعة لهذا الإهمال، وإذا أخذنا الطرق كمثال، فإن معظمها، بل جلها يفتقد للإنارة بشكل كلي، أو جزئي، أو الى الإنارة الصحيحة، مما يعرّض السائقين والمشاة لخطورة كبيرة أثناء الليل، ومن المستحيل في كثير من الطرق أن يقود المرء عربته ليلاً إذا لم يكن يحفظ الطريق عن ظهر قلب، خاصة مع امتلاء الشوارع بالحفر وانعدام الأرصفة واللافتات والإرشادات التي تجعل القيادة آمنة وسهلة.
* والإنارة جزء لا يتجزأ من الطريق مثلها مثل الأرصفة ومصارف المياه، والجزر وإشارات المرور وعلامات المرور، بدونها لا يعتبر الطريق صالحا للسير، وفي كثير من الدول عندما تتعطل (لمبة واحدة) يُغلق الطريق أمام حركة المرور حتى يتم تغييرها وتعود الإنارة الى وضعها الطبيعي لحماية مستخدمي الطريق، أما هنا فالقاعدة العامة هي الإظلام التام للطريق، وعدم وجود الإنارة، وإذا وجدت فهي من نوع ردئ، ولا تجد الصيانة المطلوبة إذا احتاجت إليها!!
* وما يجعل الطرق خطرة جداً، ليلاً أو نهاراً، افتقادها للفواصل، والأرصفة والمصارف والإشارات والعلامات، التي تجعل الطريق صالحا للاستعمال وتنظم حركة السير وتحمي أرواح الناس، ولكنها لا تجد الا الإهمال المريع حتى في الطرق المرصوفة حديثاً، وقد تحدثت مع أحد المسؤولين الكبار في وزارة التخطيط العمراني بولاية الخرطوم عن هذا الموضوع قبل بضعة أعوام، فذكر لي أنهم يقومون بتشييد(طرق قليلة التكلفة) من حيث جودة المواد، ومواصفات التشييد، وقواعد السلامة العامة التي لا تجد إلا اهتماماً ضئيلاً جداً بسبب ضعف الميزانيات المرصودة، كما أن التوجه السياسي العام يلزمهم بتشييد أكبر عدد من الطرق بدون الاهتمام بالمواصفات الصحيحة، وعندما قلت له إن هذه الطرق ليست قليلة التكلفة كما يطلقون عليها، وإنما (باهظة التكلفة) بسبب الأرواح الغالية التي تُهدر عليها، وحاجتها الى الصيانة المستمرة، كانت إجابته التي أردفها بضحكة كبيرة، ومن يهتم بأرواح المواطنين، أو صلاحيتها للسير؟!
* من أخطر الأشياء كذلك انعدام طرق المشاة، وعدم وجود عواكس ضوئية على الجزر والفواصل المرورية تمكّن من رؤيتها ليلاً، وتحمي الناس من الاصطدام بها، وترك مواد البناء والأنقاض على الطرق، بواسطة الجهات الحكومية والمواطنين، بدون تسويرها أو وضع اللافتات التحذيرية المضيئة عليها، وهي شديدة الخطورة على حياة الناس ليلاً أو نهاراً خاصة مع رداءة الطرق، والقيادة بإهمال التي صارت السمة المميزة في الشوارع !!
* من الأمثلة أيضا، البنايات التي تُترك أثناء التشييد بدون تسوير أو وضع لافتات تنبه المارة الى خطورة المرور بالقرب منها، أو وضع جسور تحتها لحماية المارة من مواد البناء التي تقع من أعلى.. إلخ، وغير ذلك من الأشياء المنسية عن قواعد السلامة في بلادنا والتي تتسبب في إهدار الكثير من الأرواح ووقوع الحوادث والإصابات!!
* نحمد لله على نجاة صديقنا حيدر المكاشفي، ونأمل أن تهتم الدولة والجهات الرسمية والمنظمات والجمعيات الأهلية والجامعات والمدارس والمواطنين، بقواعد السلامة العامة ورفع الوعي في هذا المجال المهم، والحث على تطبيق القانون، قبل وبعد وقوع الحوادث، لحماية الناس من المخاطر، أو تعويضهم عن الأضرار التي يتعرضون إليها.