جمال علي حسن

غندور في بروكسل السايقة واصلة


غندور في بروكسل ومحاولة جديدة لتنشيط الحوار السوداني الأوروبي.. وبإمكاننا أن نتفاءل هذه المرة بكسر حلقة (حوار الطرشان) وتحقيق اختراقات في هذا الحوار وذلك بالنظر إلى التغير والتحول في تعاطي الحكومة السودانية عملياً مع المجتمع الدولي بشكل إيجابي رغماً عن احتفاظها – أي الحكومة – ببعض ملامح لغة الخطاب السلبي تجاه أمريكا وأوروبا بسبب استمرار أمريكا ودول الغرب في سياساتها العدائية تجاه السودن مما يجعل الحكومة تفقد الصبر عليهم أحياناً لكن بدرجات أقل مما كان يحدث في الماضي.
لا نطالب الحكومة السودانية بلجم لسانها نهائياً عن التعليق على ما يحيكه الغرب من مؤامرات ضد السودان لكننا نطالبها بأن تستفيد من تعاطي دول الخليج والسعودية مع روسيا .
فدول الخليج تدرك تماماً حجم المصالح التي تربط روسيا مع إيران وحلفائها ولا يحتاج الدور الروسي الداعم للمعسكر الإيراني في سوريا والعراق واليمن لتأكيد فهو موقف واضح ومعروف..
السعودية تعلم أن أسلحة الحوثيين وعلي عبد الله صالح أسلحة روسية وإيرانية وتعرف تماماً أن الحملة الروسية الجوية على سوريا ليس الهدف منها ضرب تنظيم داعش وحده بل ضرب المعارضة السورية وإسناد ودعم النظام السوري .
لكنها ـ أي السعودية ودول الخليج ـ برغم هذه المعطيات الثابتة والمثبتة لكنها تقوم الآن بجهود كبيرة لتحييد وكسب موقف القطب الروسي إلى جانبها واختطاف هذا الحليف القوي من معسكر إيران.. ولذلك تمد دول الخليج يدها لبوتين كما أن بوتين لا يقوى على مقاومة ورفض مصالحه المتوقعة من التحالف مع الخليج، فيمد هو الآخر يده للخليج.. ولا بأس بأن تظل يده الثانية قريبة من كتف المرشد الإيراني، لأن علاقاته مع إيران نفسها هي علاقات مصالح وليست علاقات عقدية أو فكرية وسياسية، وطالما أن السوق هو سوق مصالح فإن التحييد ممكن وكسب الموقف ممكن أيضاً .
هذا في تقديرنا هو التكتيك الذكي في لعبة العلاقات الخارجية..
والآن لن تنجح زيارة غندور لبروكسل بمجرد أن يلتقي بمسؤولي الاتحاد الأوروبي ويحشد العبارات الدبلوماسية الحميمة التي سيبادلونه بمثلها على طاولة اللقاءات .
لكن النجاح يرتبط باتباع سياسة التحفيز في التعاون بعد استحضار الثقة المفقودة وإزالة التشويش على السودان في خيالهم بتقديم حقائق كاملة عن ما يجري والسماح للجميع بالوقوف بأنفسهم على أرض الواقع وزيارة السودان.. ونقول الجميع لأننا حين نتحدث عن موقف الاتحاد الأوروبي يجب أن نستصحب ضغوط الرأي العام الأوروبي على مؤسسات القرار هناك، وحين نستصحب هذه الضغوط فعلينا أن نفتح الأبواب أمام جميع المنظمات التي تساهم في تكوين الرأي العام في أوروبا مهما تكن خلفيات مواقفها تجاه السودان .
فتح الأبواب لهم أسلم وأخف ضرراً على السودان من طردهم لأن طرد ومنع المنظمات من الحضور والوقوف على أرض الواقع يجعلها تلجأ إلى محققين من الداخل، ومعروف أن شبكات تقديم المعلومات وتزويد تلك المنظمات بما تحويه تقاريرها من الداخل هي شبكات ذات أجندة سياسية وتلجأ إليها تلك المنظمات في حالة عدم إتاحة المجال لوجودهم بأنفسهم في السودان فيزودها هؤلاء بما أثقل ملف حقوق الإنسان السوداني من اتهامات وإدانات مستمرة ضد السودان وضد حكومته وهي تؤثر كثيراً على قرار الدول الأوروبية .
سياسة الأبواب المفتوحة في علاقاتنا الخارجية يجب أن تكون سياسة عامة شعارها الترحيب بمن يرغب في الوقوف بنفسه على الحقائق ..
دول الخليج تعرف أن أمريكا ودول أوروبا هي الأخرى تنام مع إيران في فراش واحد وتأتي مبكراً في الصباح لتناول القهوة مع حلفائها الخليجيين لكنها تصبر عليها على طريقة المقولة اليقينية لسائقي اللواري في السودان حين يسألهم أحد الركاب عن موعد الوصول فيكون الرد (السايقة واصلة)..
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.