زهير السراج

كل أول .. ليهو آخر !!


* هل سمعت الحكومة بـ(حد المرونة)، إن لم تكن، فإنه “الحد الأعلى للقوة التي يمكن التأثير بها على المادة بدون أن تفقد مرونتها”، أي بدون أن تنقطع أو تنكسر، أو تتغير خواصها بشكل مستديم، وإذا افترضنا أن الإنسان السوداني (مادة مرنة) باعتبار صبره على الإنقاذ، والفظائع التي أذاقتها له بدون أن ينقطع أو ينكسر أو يفقد هدوئه وصبره، فليس معنى ذلك أن تستمرئ الحكومة شده، وتحميله فوق ما يحتمل.. على أساس أنه إنسان مستسلم وخانع وأهبل وعبيط وعاجز، ولا يملك أن يفعل شيئاً إزاء عمايل الحكومة واستفزازها له استناداً على مرونته الكبيرة، فحسب النظرية الفيزيائية، فإن المادة المرنة تفقد مرونتها (وتنقطع) أي تفقد صبرها و(تثور)، إذا تجاوزت القوة حد المرونة!!
* وبعيداً عن الفيزياء وخواص المادة التي ربما لم تسمع بها الحكومة، أو سمعت بها ولم تفهمها، أو فهمتها ولم تكترث بها وظلت تمارس عنتها وظلمها ومكابرتها واستفزازها و(ملافظ السعد) التي يجرحنا بها أحد أباطرة الحكومة وكبارها من حين لآخر، وهي معروفة ومحفوظة عن ظهر قلب للشعب الصابر الذي لا يحتاج لمن يذكّره بها، وآخرها ما قاله مساعد الرئيس إبراهيم محمود إنهم “عندما استلموا الحكومة كان الناس بيقسموا الصابونة، والسكر بالوقية” بدون أن يقدر الظروف الصعبة التي يمر بها الناس- بعيداً عن الفيزياء والمادة وخواصها، ألم تسمع الحكومة بقصة المثل العربي المعروف (القشة التي قصمت ظهر البعير)؟!
* القصة معروفة وهي أن رجلاً من البادية أراد أن يسافر، فوضع على ظهر جمل له، ما يعادل حمل أربعة جمال، فأخذ الجمل يهتز، والناس يصرخون ويطلبون الرحمة للجمل المسكين، إلا أن الرجل لم يبالي وأخذ حزمة صغيرة من القش ووضعها فوق ظهر البعير وقال هذه خفيفة وهي آخر المتاع، فما كان من الجمل إلا أن هوى على الأرض بعد أن قصم ظهره الحمل الثقيل وسقط فوق ظهر الرجل وقتله، وصارت القصة مثلاً يضرب للاستهانة المستمرة بالناس، أو الاستمرار في قول أو فعل خاطئ بدون اعتبار لتداعياته ومخاطره!!
* لقد ظلت الحكومة وأباطرة الحكومة يُحمّلون الشعب ما لا يحتمل من الضغوطات والاستفزازات المختلفة منذ ما يزيد عن ربع قرن من الزمان، كتم الحريات، والقوانين التعسفية، والنظام العام والمطاردة والجلد والقمع، والسياسات الفاشلة، والفساد، وتبديد المال العام، والتطاول في البنيان، وغلاء المعيشة، والزيادات الاستفزازية، والمؤتمرات والمسيرات والتطبيل والتهليل، وهو متحمل وصابر وقانع وهادئ، وهي سادرة في غيها ومصرة على شد الحبل ووضع المزيد من الأحمال فوق ظهر البعير بدون مراعاة لقوانين الفيزياء أو خصائص الأحياء أو مبادئ العدالة أو المشاعر الإنسانية!!
* كل أول ليهو آخر، ولو دامت لغيرك، لما آلت إليك!!