مصطفى أبو العزائم

“معجزة” من غير ساحر!


فوز أبنائنا أشبال السودان بكأس بطولة (جيم) لكرة القدم، أدخل البهجة في نفوسنا، وأسعد الذين تابعوا المباراة النهائية ضد فريق “جزر القمر” بالأداء البطولي و(الرجولي) لأطفال السودان، وهم يحولون خسارتهم بهدفين إلى الفوز عن طريق ركلات الجزاء بعد أن نجح صقور الجديان الصغار في تحقيق التعادل في آخر الدقائق، وينقضون بعد ذلك على الحمامة القمرية، ويحلقون باسم السودان عالياً في سماء البطولة.
الذي حدث يكاد أن يكون معجزة لولا أن زمان المعجزات قد ولى، لكنه كان أمراً مبهراً جعل مسؤول قناة تلفزيون (جيم) القطرية يقول بنبرات جادة إن في الأمر لسحر! واستدرك الرجل بعد هنيهة وقال إنه (يمزج)! تخيل أثر هذه الكلمة (سحر) على مشاهدي القناة ومتابعي المنافسة، وفيها ما فيها من أن صغارنا حققوا انتصارهم ذاك عن طريق السحر!
هناك ارتباط قوي لدى كثير من العامة بين تحقيق الفوز في المنافسات الكروية وبين السحر، وقد يمتد الأمر إلى عدد من رؤساء الأندية الرياضية الكبرى أو الصغرى، وإلى من هم دونهم، وقد تعرفت على هذا عن قرب، عندما وجدت نفسي عضواً بمجلس إدارة أحد الأندية الرياضية في الدرجة الأولى، وهي تجربة صعبة لن تتكرر بإذن الله تعالي، وكنت أتمنى بفارغ الصبر انتهاء أجل تلك الدورة حتى أعود إلى مقاعد المتفرجين، رغم اهتمامات رياضية سابقة، جعلتني أعمل على تأسيس أحد فرق الرابطة بالثورة خلال حقبة السبعينيات، هو فريق (فتح) الرياضي مع عدد من أبناء الحي والأصدقاء من بينهم السادة “الأمين حسن قيلي”، و”عبد الرحمن حامد حاج بلال”، و”عصام الدين بشير العوض”، و”الطاهر عبد الماجد”، وشقيقه “عادل” (كِرَّة) وآخرون.
لابد من التأكيد على أن الجن مخلوقات سفلية، أي أنهم أدنى من الإنسان عقلاً وصورة، وهم يأخذون علومهم وأمور دينهم من الإنسان.. وقد قال الله تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ).. والجن مأمورون بالواجبات والطاعات إذ قال الله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) صدق الله العظيم
السحر موجود ومؤكد، وارتباط السحر والسحرة بالجن قديم، وضرر هؤلاء لا يكون إلا على أنفسهم وعلى الضعفاء.. ونقصد بهم ضعفاء الإيمان والعلم والمعرفة والنضج.
الحديث ممتد.. والمساحة محدودة.. ربما نعود لموضوع السحر والسحرة، والجن علاقته بالإنسان، وبالفنون والإبداع، وقد قال الراحل “كامل كيلاني” في وصف القطار ذات يوم:
هيهات هيهات لا جن ولا سحرة
لقادرين على أن يلحقوا أثره
كما قال شاعرنا الفذ الغَرِد “التجاني يوسف بشير” في قصيدته المغناة “أنشودة الجن”:
قم يا طرير الشباب.. عن لنا غن
يا حلو يا مستطاب.. أنشودة الجن
تُرى هل للجن أغنيات وأناشيد؟ نعم ربما.. وربما كانت لهم معلقات جاءت من وادي عبقر.
اللهم إنا نعوذ بك من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.. آمين.
و.. جمعة مباركة.