خالد حسن كسلا : (مصطفى عثمان).. هل سأل؟!
> حديث كان مستغرباً للدكتور مصطفى عثمان إسماعيل رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني الحزب الحاكم حول توحيد العملة بين السودان وإثيوبيا.. ويبقى مستغرباً طبعاً لكل المراقبين تقريباً.. لكن من يفهم بعمق أبعد من عمق المراقبين لا يستغرب ويمكن أن يقول إن المقصود من إثارة هذا الأمر، هو رسالة إلى مصر التي يتهم بعض أهلها السودان بأنه منحاز بشأن سد النهضة انحيازاً سياسياً مغرضاً لصالح إثيوبيا.
> أو رسالة إلى إرتيريا العدو اللدود لإثيوبيا يراد بها الفتنة من جهة مستثمرة في الفتن يمكن أن نجد اسمها في قائمة خادمي مشروع حماية الاحتلال اليهودي في فلسطين.
> ودكتور مصطفى رئيس القطاع السياسي بالحزب الحاكم ورجل الدولة القوي جد.. لم يقل هناك فكرة لتعاون عميق قد يشمل توحيد العملة بين الدولتين، بل نفى علمه بذلك بعد أن استبعد الخطوة.
> وهو يرى أن إثيوبيا لن تقبل بتوحيد العملة مع السودان لعدم استقرار الاقتصاد السوداني وبالتالي عدم استقرار العملة. ودكتور مصطفى هنا يفتح باب النقد الموضوعي لإدارة الاقتصاد السوداني.. ونبدأه بالسؤال المهم: ما الذي يجعل إثيوبيا البائسة في كل ما هو حلال ومباح في صعيد الاقتصاد ذات عملة مستقرة باستقرار اقتصادي؟!. وما الذي يجعل السودان بكل هذه الاستثمارات والصادرات والمنتوجات، غير مؤهل نقدياً لتوحيد العملة إفريقياً؟؟!
> وإذا عددنا أسباباً منطقية قادت السودان إلى هذا المصير الاقتصادي، فإن إثيوبيا ليست أفضل منه في شيء.. حتى تنعُّمها بمعافاتها دائماً من عقوبات أمريكية أو مؤامرات روسية على الأسس الاقتصادية كما تفعل روسيا الآن في سوريا، فهي لم تستفد منه.. لأنها لا تملك أدوات الاستفادة حتى الآن وربما مستقبلاً تستفيد من سد النهضة.
> فأي الدولتين أحق إذن بالاستقرار الاقتصادي واستقرار العملة؟!!! لكن في السودان بأسلوب (الأنا) وطريقة (جلداً ما جلدك جُر فيه الشوك)، كما يقول المثل السوداني الشعبي.. فإن الاستقرار الاقتصادي ينعدم ليرى مصطفى عثمان أن توحيد العملة بين السودان وإثيوبيا أمراً مستبعداً للسبب الذي ذكره.
> ومصطفى عثمان يقول إنه لم يبلغ علمه فكرة توحيد العملة بين الجارتين.. لكنه لم يسأل في ذات الوقت طارح السؤال عن مصدر الفكرة.. ولم يسأله عمن أطلقها من المسؤولين والمعنيين بالعلاقات الدبلوماسية أو الاقتصادية.
> ولكن السودان رغم ما على اقتصاده الذي تتلخص مشكلته الكبرى في ميزان الوارد والصادر وليس في العقوبات الأمريكية (الشماعة أحياناً)، إلا إنه حريص كل الحرص على إقامة علاقات اقتصادية وتجارية بينه وبين دول الجوار.
> و ها هي الآن إرتيريا تشترك من خلال أحد أقاليمها مع السودان من خلال ولاية كسلا في إقامة مشروع زراعي..والسودان الذي يخل بالميزان التجاري إخلال من لا يخشى العقوبات، يريد من مثل هذه المشاريع المشتركة وقاية المنطقة من التفلتات الأمنية.. مثل التي تحدث من العصابات الشفتة الإثيوبية.
> وحتى في لقاء مصطفى عثمان بالسفير الإثيوبي، فقد كان أحد محاوره الحديث عن اتفاق بين الخرطوم وأديس أبابا قد تم حول التطرف والإرهاب في إفريقيا.. والغريب أن الأنموذج المذكور للإرهاب هو فقط جماعة بوكو حرام.. وليس معهم عصابات الشفتة الإثيوبية الذين أذاقوا المواطنين السودانيين ألوانا من صنوف العذاب.
> واتفق الطرفان على تقديم أوراق حول المنظمات المتطرفة.. لكن هل سيفكر الجانب السوداني في تقديم ورقة بخصوص إرهاب وتجاوزات وانتهاكات الشفتة؟!!
> بطرفنا عناصر لورقة حول الشفتة أسبابها وحلولها يمكن تقديمها في الورشة التي كشف عنها مصطفى عثمان.
> والورشة تأتي بمثابة ملتقى للعلاقات بين البلدين.. على غِرار ملتقيات سبقت كانت خاصة بالعلاقات السودانية مع أوروبا ومصر وتركيا.. وطبعاً الأهم أن تكون مع الولايات المتحدة الأمريكية.. على الأقل لكي تستطيع الحكومة السودانية إرسال رسالة تصحيحية إلى الداخل الأمريكي والمجتمع الدولي.. لتوضيح أن السودان منذ صدور قرارات الرابع من رمضان في اليوم الثاني عشر من ديسمبر عام 1999م ما عاد يستحق العقوبات الأمريكية.
غداً نلتقي بإذن الله…