قبلت الرئاسة تحت ضغط جماهيري
حلايب منطقة جبلية صحراوية في الحدود المشتركة ما بين السودان ومصر وكل منهما يقول «دي بتاعتي» ولفض الاشتباك بين البلدين، فقد انتخبت نفسي رئيسًا مدى الحياة لجمهورية حلايب المستقلة «عن قريب بإذن الله»، وأسعدني تدفق رسائل المبايعة من عشرات المصريين والسودانيين، مع المطالبة بالتعجيل بإعلان الاستقلال.
وعلى من يريد أن يصبح مواطنًا في الجمهورية المرتقبة دفع رسم عضوية 147 جنيهًا إسترلينيًا، وكل من تسوّل له نفسه سداد هذه الرسوم بالجنيه المصري أو السوداني سيوضع في القائمة السوداء، وفور استلامي الرسوم سأزود الشخص المعني بوثيقة سفر دبلوماسية يحتفظ بها «للذكرى» لحين إعلان الاستقلال وإصدار الجوازات المعتمدة. وتلك الجوازات ستعينهم على دخول مختلف البلدان والحصول على وظائف محترمة فيها ليتسنى لهم سداد الرسوم السنوية التي لن تزيد على تسعمائة دولار أمريكي لتجديد جوازاتهم.
وهناك شروط أخرى في غاية المرونة، وأولها عدم تعاطي الفول والفسيخ والكوارع مهما كانت الظروف، يعني إذا حدث – لا قدر الله – أن تعاطت مواطنة حلايبية إحدى تلك البتاعات الثلاثة بحجة أنها تعاني من «الوحم» فإنها ستخضع لغسيل معدة فوري، مع سحب جواز السفر، ووضعها في الحجر الصحي توطئة لإعادتها إلى «وطنها السابق».
وليكن معلومًا لدى جماهير حلايب الوفية أن مشاهدة الأفلام والمسلسلات العربية تعتبر جريمة لا تغتفر لأنها تشكل ضربًا من الانتحار العقلي، وقد نشرت هيئة الصحة العالمية أخيرًا تقريرًا مؤداه أن تلك الأفلام والمسلسلات تسبب سرطان البروستاتا للرجال، والحمل خارج الرحم للنساء، كما أن منظمة العفو الدولية نددت بلجوء بعض الدول إلى إرغام المعتقلين السياسيين على مشاهدة الأفلام والمسلسلات العربية باعتبار ذلك من أقسى الممارسات اللا إنسانية وتقول كتب التاريخ أن الأندلس ضاعت من يد العرب لأنهم انشغلوا عن شؤون الحكم والسياسة بمتابعة أخبار فاروق الفيشاوي ولوسي وبوسي (أهذه أسماء بشر؟).
وبما أن الشيء بالشيء يذكر فلا بدَّ أن أسجل هنا أن رعاياي المقيمين في حلايب سلفا بعثوا إلى ببرقيات يناشدونني فيها اتخاذ إجراءات حاسمة للتشويش على محطتي التلفزيون في مصر والسودان، بعد أن تسابقت الدولتان إلى تقوية الإرسال ليشمل حلايب في محاولة لغسل أدمغة سكانها حتى يتوقفوا عن المطالبة بالاستقلال، ويكفوا عن الالتفاف حول قيادتي التاريخية. وإنني أحذر عبر هذا المنبر كل من تسولّ له نفسه العبث بالمقدرات الحلايبية بأننا سنرد الصاع صاعين، فما لم يرفع هؤلاء وأولئك أيديهم عن حلايب، فإننا سندشن على الفور برنامجنا التوسعي ونعلن قيام جمهورية «حلايب والنوبة» وذلك بضم شمال السودان وجنوب مصر إلى جمهوريتنا الفتية فنضع بذلك أيدينا على السد العالي وبحيرة ناصر وبساتين النخيل ومزارع قصب السكر والمعابد التاريخية من وسط السودان حتى أسوان، ولا نعتزم قتل مصر عطشًا بل سنبيع لها الماء بنظام «العداد»، ولا مجال للتفاوض بعد أن يقع الفأس على الرأس وتصبح جمهوريتنا أمرًا واقعًا
لا مجال لحل المسائل بطريقة «التباوس» المعروفة لأنّ الجمهورية الجديدة لن تنضم إلى جامعة الدول العربية. معاذ الله، طموحاتنا أكبر من ذلك، ربما ننضم إلى حلف الأطلسي، ونحن على كل حال بصدد صياغة أيديولوجية خاصة بنا، وقد تم بالفعل تكليف بعض بيوتات الخبرة بإعداد خطوط عريضة لنظرية جديدة خاصة بحلايب، وصالحة للتصدير. وعلى جيران حلايب الجغرافيين أن يفهموا أن الكلام عن «المصير المشترك» وما إلى ذلك من ترهات لن ينطلي علينا. وإذا لم تكفوا عما أنتم فيه فليس بعيدًا أن نصدر قرارًا بنقل جمهوريتنا بأكملها بعد تفكيكها إلى قارة أخرى يعرف أهلها أصول وحقوق الجوار.